الأفاضل ، ولما دخل بجاية في التاريخ المذكور قال : رأيت ليلة أني نكحت نجوم السماء كلها ، فما بقي منها نجم إلا نكحته بلذة عظيمة روحانية ثم لما كملت نكاح النجوم أعطيت الحروف فنكحتها ، ثم عرضت رؤياي هذه على من قصّها على رجل عارف بالرؤيا بصير بها ، وقلت للذي عرضتها عليه : لا تذكرني ، فلما ذكر الرؤيا (١) استعظمها وقال : هذا هو البحر الذي لا يدرك قعره ، صاحب هذه الرؤيا يفتح الله تعالى له من العلوم العلوية وعلوم الأسرار وخواص الكواكب ما لا يكون فيه أحد من أهل زمانه ، ثم سكت ساعة وقال : إن كان صاحب هذه الرؤيا في هذه المدينة فهو ذاك الشاب الأندلسي الذي وصل إليها.
ثم قال صاحب العنوان ما ملخصه : إن الشيخ محيي الدين رحل إلى المشرق ، واستقرت به الدار ، وألف تواليفه ، وفيها ما فيها إن قيّض الله تعالى من يسامح ويتأول سهل المرام ، وإن كان ممن ينظر بالظاهر فالأمر صعب ، وقد نقد عليه أهل الديار المصرية وسعوا في إراقة دمه ، فخلصه الله تعالى على يد الشيخ أبي الحسن البجائي ، فإنه سعى في خلاصه وتأول كلامه ، ولما وصل إليه بعد خلاصه قال له الشيخ رحمه الله تعالى : كيف يحبس من حل منه اللاهوت في الناسوت؟ فقال له : يا سيدي ، تلك شطحات في محل سكر ولا عتب على سكران وتوفي الشيخ محيي الدين في نحو الأربعين وستمائة ، وكان يحدث بالإجازة العامة عن السّلفي ، رحمه الله تعالى! انتهى.
ومن موشحات الشيخ محيي الدين رضي الله تعالى عنه قوله (٢) :
مطلع
سرائر الأعيان |
|
لاحت على الأكوان للناظرين |
والعاشق الغيران |
|
من ذاك في حرّان(٣) |
يبدي الأنين
دور
يقول والوجد أضنا |
|
ه والبعد قد حيّره |
__________________
(١) في ب : فلما ذكر هذه الرؤيا.
(٢) انظر ديوان ابن عربي ص ٨٥.
(٣) في ب : في بحران.