مجلدات كثيرة ، وهي موجودة في خزانة السلطان ، تنظر في باب الميم ترجمة محمد بن عربي لتعرف مذاهب أهل العلم الذين باب صدورهم مفتوح لقبول العلوم اللدنية والمواهب الربانية.
وقوله في شيء من الكتب المصنفة كالفصوص وغيره : إنه صنفه بأمر من الحضرة الشريفة النبوية ، وأمره بإخراجه إلى الناس.
قال الشيخ محيي الدين الذهبي (١) حافظ الشام : ما أظن المحيي يتعمد الكذب أصلا ، وهو من أعظم المنكرين وأشدهم على طائفة الصوفية.
ثم إن الشيخ محيي الدين رحمه الله تعالى كان مسكنه ومظهره بدمشق ، وأخرج هذه العلوم إليهم ، ولم ينكر عليه أحد شيئا من ذلك ، وكان قاضي القضاة الشافعية في عصره شمس الدين أحمد الخويّي يخدمه خدمة العبيد ، وقاضي القضاة المالكية زوجه بابنته ، وترك القضاء بنظرة وقعت عليه من الشيخ.
وأما كراماته ومناقبه فلا تحصرها مجلدات ، وقول المنكرين في حق مثله غثاء (٢) وهباء لا يعبأ به ، والحمد لله تعالى ، انتهى ما نقلته من كلام العارف بالله تعالى سيدي عبد الوهاب الشعراني ، رضي الله تعالى عنه!.
وقد حكى الشيخ رضي الله تعالى عنه عن نفسه في كتبه ما يبهر الألباب ، وكفى بذلك دليلا على ما منحه الله الذي يفتح لمن شاء الباب ، وقد اعتنى بتربته بصالحية دمشق سلاطين بني عثمان ، نصرهم الله تعالى على توالي الأزمان! وبنى عليه السلطان المرحوم سليم خان المدرسة العظيمة ، ورتب له الأوقاف ، وقد زرت قبره وتبركت به مرارا ، ورأيت لوائح الأنوار عليه ظاهرة ، ولا يجد منصف محيدا إلى إنكار ما يشاهد عند قبره من الأحوال الباهرة ، وكانت زيارتي له بشعبان ورمضان وأول شوال سنة ١٠٣٧.
وقال في «عنوان الدراية» : إن الشيخ محيي الدين كان يعرف بالأندلس بابن سراقة ، وهو فصيح اللسان ، بارع فهم الجنان ، قوي على الإيراد ، كلما طلب الزيادة يزاد ، رحل إلى العدوة ، ودخل بجاية (٣) في رمضان سنة ٥٩٧ ، وبها لقي أبا عبد الله العربي وجماعة من
__________________
(١) محيي الدين الذهبي : هو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قيماز. ولد سنة ٦٧٣ ه ، وعني بالقراءات من صغره ، ثم اشتغل بالحديث فبلغت شيوخه في الحديث وغيره ألفا. له مؤلفات كثيرة. (غاية النهاية ج ١ ص ٧١).
(٢) الغثاء : الزبد ، والهالك من ورق الشجر.
(٣) بجاية : مدينة على ساحل البحر بين إفريقية والمغرب ، كان أول من اختطها الناصر بن علناس بن حماد بن زيري بن مناد بن بلكين سنة ٤٥٧ ه (معجم البلدان ج ١ ص ٣٣٩).