عليّ نحت القوافي من معادنها |
|
وما عليّ إذا لم تفهم البقر(١) |
هذا الذي نعلم ونعتقد ، وندين الله تعالى به في حقه ، والله سبحانه وتعالى أعلم ، وصورة استشهاده : كتب محمد الصديقي الملتجئ إلى حرم الله تعالى ، عفا الله عنه!.
وأما احتجاجه بقول شيخ الإسلام عز الدين بن عبد السلام شيخ مشايخ الشافعية فغير صحيح ، بل كذب وزور ، فقد روينا عن شيخ الإسلام صلاح الدين العلائي عن جماعة من المشايخ كلهم عن خادم الشيخ عز الدين بن عبد السلام أنه قال : كنا في مجلس الدرس بين يدي الشيخ عز الدين بن عبد السلام ، فجاء في باب الردة ذكر لفظة الزنديق ، فقال بعضهم : هل هي عربية أو عجمية؟ فقال بعض الفضلاء : إنما هي فارسية معربة ، أصلها زن دين ، أي على دين المرأة ، وهو الذي يضمر الكفر ويظهر الإيمان ، فقال بعضهم : مثل من؟ فقال آخر إلى جانب الشيخ : مثل ابن عربي بدمشق ، فلم ينطق الشيخ ولم يرد عليه ، قال الخادم : وكنت صائما ذلك اليوم ، فاتفق أن الشيخ دعاني للإفطار معه ، فحضرت ووجدت منه إقبالا ولطفا ، فقلت له : يا سيدي ، هل تعرف القطب الغوث الفرد في زماننا؟ فقال : مالك ولهذا؟ كل ، فعرفت أنه يعرفه ، فتركت الأكل وقلت له : لوجه الله تعالى عرّفني به ، من هو؟ فتبسم رحمه الله تعالى وقال لي : الشيخ محيي الدين بن عربي ، فأطرقت ساكتا متحيرا ، فقال : مالك؟ فقلت : يا سيدي ، قد حرت ، قال : لم؟ قلت : أليس اليوم قال ذلك الرجل إلى جانبك ما قال في ابن عربي وأنت ساكت؟ فقال : اسكت ذلك مجلس الفقهاء ، هذا الذي روي لنا بالسند الصحيح عن شيخ الإسلام عز الدين بن عبد السلام.
وأما قول غيره من أضراب الشيخ عز الدين فكثير ، كان الشيخ كمال الدين (٢) الزملكاني من أجلّ مشايخ الشام أيضا يقول : ما أجهل هؤلاء! ينكرون على الشيخ محيي الدين بن عربي لأجل كلمات وألفاظ وقعت في كتبه قد قصرت أفهامهم عن درك معانيها ، فيأتوني لأحلّ لهم مشكله ، وأبين لهم مقاصده ، بحيث يظهر لهم الحق ، ويزول عنهم الوهم.
وهذا القطب سعد الدين الحموي سئل عن الشيخ محيي الدين بن عربي لما رجع من الشام إلى بلاده : كيف وجدت ابن عربي؟ فقال : وجدته بحرا زخارا لا ساحل له.
وهذا الشيخ صلاح الدين الصّفدي له كتاب جليل وضعه في تاريخ علماء العالم في
__________________
(١) البيت للبحتري ، الشاعر العباسي المشهور.
(٢) نسبة إلى زملكا ، وهي قرية بغوطة دمشق ، نسب إليها كثير من العلماء منهم أحمد بن محمد الزملكاني شيخ أبي بكر المقري (معجم البلدان ج ٣ ص ١٥٠).