أكثر الطلبة يرجّحونه على شيخه أبي محمد بن سبعين ، وإذا ذكر له هذا يقول : إنما ذلك لعدم اطلاعهم على حال الشيخ وقصور باعهم (١).
ومن تآليف (٢) ابن سبعين «الفتح المشترك» ومما حكاه صاحب «عنوان الدراية» في ترجمة الششتري ـ مما لم نذكره في ترجمته الماضية ، ورأينا ذكره هنا تبركا أن الششتري كان في بعض أسفاره في البرية ، وكان رجل من أصحابه قد أسر فسمعه الفقراء يقول : إلينا يا أحمد ، فقيل له : من أحمد الذي ناديته يا سيدي في هذه البرية؟ فقال لهم : من تسرون به غدا إن شاء الله تعالى ، فلما كان من الغد ورد الشيخ وأصحابه بلدة قابس ، فعند دخولهم إذا بالرجل المأسور ، فقال الشيخ للفقراء وأصحابه (٣) : هنيئا لنا باقتحام العقبة ، صافحوا أخاكم ، المنادى به.
ومن مناقبه ـ نفع الله تعالى به! ـ أنه لما نزل بلدة قابس (٤) برباط البحر المعروف بالصهريج (٥) جاءه الشيخ الصالح أبو إسحاق الزرنانيّ (٦) نفع الله تعالى به بجميع أصحابه برسم الزيارة ، فوافق وصوله وصول الشيخ الصالح الفاضل الولي أبي عبد الله الصّنهاجي ـ نفع الله تعالى به! ـ مع جملة أصحابه للزيارة ، فوجدوا الشيخ أبا الحسن قد خرج إلى موضع بخارج المدينة برسم الخلوة ، فجلسوا لانتظاره ، فلم يكن إلا قليل إذ أقبل الشيخ على هيئة معتبر متفكر ، فلما دخل الرباط سلم على الواصلين برسم الزيارة ، وحيّا المسجد ، وأقبل على الفقراء ، وأثر العبرة على وجنته ، فقال : ائتوني بمداد ، فلما أحضر بين يديه تأوّه تأوّها شديدا كاد أن يحرق بنفسه جليسه ، وجعل يكتب على لوح (٧) هذه الأبيات : [السريع]
لا تلتفت بالله يا ناظري |
|
لأهيف كالغصن النّاضر |
يا قلب واصرف عنك وهم البقا |
|
وخلّ عن سرب حمى حاجر |
ما السّرب والبان وما لعلع |
|
ما الخيف ما ظبي بني عامر؟ |
__________________
(١) في ب ، ه : وقصور طباعهم.
(٢) في أ : ومن تأليف ابن سبعين ..
(٣) وأصحابه : ساقطة من ب.
(٤) في ب ، ه : «لما نزل ببلدة قابس» وقابس بلدة بين طرابلس وسفاقس. (انظر معجم البلدان ج ٤ ص ٢٨٩).
(٥) في ب : المعروف بمسجد الصهريج ..
(٦) في ج : الزرقاني ، وفي عنوان الدراية : الورقاني. وفي نسخة عنه ه : الزناني.
(٧) في ب ، ه : يكتب في اللوح.