للغواية لا بوقوعها.
فالإضافة في قوله تعالى : (عِبادِي) للعموم كما هو شأن الجمع المعرّف بالإضافة ، والاستثناء حقيقي ولا حيرة في ذلك.
وضمير «موعدهم» عائد إلى (مَنِ اتَّبَعَكَ) ، والموعد مكان الوعد. وأطلق هنا على المصير إلى الله استعير الموعد لمكان اللقاء تشبيها له بالمكان المعين بين الناس للقاء معين وهو الوعد.
ووجه الشبه تحقّق المجيء بجامع الحرص عليه شأن المواعيد ، لأن إخلاف الوعد محاور ، وفي ذلك تمليح بهم لأنهم ينكرون البعث والجزاء ، فجعلوا بمنزلة من عيّن ذلك المكان للإتيان.
وجملة (لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ) مستأنفة لوصف حال جهنم وأبوابها لإعداد الناس بحيث لا تضيق عن دخولهم.
والظاهر أن السبعة مستعملة في الكثرة فيكون كقوله : (وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ) [سورة الرعد : ٢٣] ؛ أو أريد بالأبواب الكناية عن طبقات جهنم لأن الأبواب تقتضي منازل فهي مراتب مناسبة لمراتب الإجرام بأن تكون أصول الجرائم سبعة تتفرع عنها جميع المعاصي الكبائر. وعسى أن نتمكن من تشجيرها في وقت آخر.
وقد يكون من جملة طبقاتها طبقة النفاق قال تعالى : (إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ) [سورة النساء : ١٤٥]. وانظر ما قدمناه من تفريع ما ينشأ عن النفاق من المذام في قوله تعالى (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ) في سورة البقرة [٨].
وجملة (لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ) صفة ل (أَبْوابٍ) وتقسيمها بالتعيين يعلمه الله تعالى. وضمير (مِنْهُمْ) عائد ل (مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ) ، أي لكل باب فريق يدخل منه ، أو لكل طبقة من النار قسم من أهل النار مقسوم على طبقات أقسام النار.
واعلم أن هذه الأقوال التي صدرت من الشيطان لدى الحضرة القدسية هي انكشاف لجبلّة التطور الذي تكيّفت به نفس إبليس من حين أبى من السجود وكيف تولد كل فصل من ذلك التطور عما قبله حتى تقومت الماهية الشيطانية بمقوماتها كاملة عند ما صدر منه قوله : (لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ* إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) [سورة