باسم أحد تعظيم له ، فاستعمل لفظ القسم كناية عن التعظيم ، كما استعمل لفظ التحية كناية عن التعظيم في كلمات التشهد «التّحيّات لله» أي أقسم عليك بتعظيمك ربّك. هذا ما يظهر لي في توجيه النصب ، وقد خالفت فيه أقوال أهل اللّغة بعض مخالفة لأدفع ما عرض لهم من إشكال.
والسكرة : ذهاب العقل. مشتقّة من السكر ـ بفتح السين ـ وهو السدّ والغلق. وأطلقت هنا على الضلال تشبيها لغلبة دواعي الهوى على دواعي الرشاد بذهاب العقل وغشيته.
و (يَعْمَهُونَ) يتحيّرون ولا يهتدون. وقد تقدم عند قوله تعالى : (وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) في سورة البقرة [١٥].
وجملة (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ) تفريع على جملة (وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ) [سورة الحجر : ٦٦].
و (الصَّيْحَةُ) : صعقة في الهواء ، وهي صواعق وزلازل وفيها حجارة من سجّيل. وقد مضى بيانها في سورة هود.
وانتصب (مُشْرِقِينَ) على الحال من ضمير الغيبة. وهو اسم فاعل من أشرقوا إذا دخلوا في وقت شروق الشمس.
وضميرا (عالِيَها سافِلَها) للمدينة. وضمير (عَلَيْهِمْ) عائد إلى ما عادت عليه ضمائر الجمع قبله.
وجملة (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ) : تذييل. والآيات : الأدلّة ، أي دلائل على حقائق من الهداية وضدّها ، وعلى تعرّض المكذبين رسلهم لعقاب شديد.
والإشارة (فِي ذلِكَ) إلى جميع ما تضمّنته القصة المبدوءة بقوله تعالى : (وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ) [سورة الحجر : ٥١]. ففيها من الآيات آية نزول الملائكة في بيت إبراهيم ـ عليهالسلام ـ كرامة له ، وبشارته بغلام عليم ، وإعلام الله إيّاه بما سيحلّ بقوم لوط كرامة لإبراهيم ـ عليهماالسلام ـ ، ونصر الله لوطا بالملائكة ، وإنجاء لوط ـ عليهالسلام ـ وآله ، وإهلاك قومه وامرأته لمناصرتها إيّاهم ، وآية عماية أهل الضلالة عن دلائل الإنابة ، وآية غضب الله على المسترسلين في عصيان الرّسل.