عليه (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) فيبطل أصل النبوة وينهد أساس الوحي ويندك بنيان الدين ، وينفتح الباب لمن لا يؤمن بنبوة النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) لإبعاد الناس عنه (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ، ويرى عوام الناس أن لأُولئك العذر في قولهم : إنّه شاعر أو مجنون ..! ولكن الملاحظ أنّ محاولة أُولئك باءت بالفشل ، ورأى الناس خلاف ما نسبوه إليه وأقرّت عقولهم بصدق النبوة وتمامية الحجّة في قوله تعالى (وإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِه وادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ الله إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (١).
وعلى هذا الأساس ذهب الشيخ الطوسي والسيد المرتضى والشيخ المفيد إلى ضعف كلام الصدوق ، وهؤلاء الأجلاء داخلون بحسب كلام الصدوق المتقدم في جملة الغلاة والمفوضة ، وكذلك كبار القميين من أمثال محمد بن عيسى ، وأحمد بن محمد بن خالد وغيرهما ..
الأمر الثاني : أنّ الأخبار التي تضمنت سهو النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) مبتلاة بالمعارض ، فإن في موثقة زرارة ما ينفي أن الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) سجد سجدة سهو في حياته قط :
فقد روى الشيخ بإسناده عن محمد بن علي بن محبوب ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن عبد الله بن بكير ، عن زرارة قال : «سألت أبا جعفر (عليه السّلام) : هل سجد رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) سجدتي السهو قط؟ قال : لا ، ولا يسجدهما فقيه» (٢).
والرواية موثقة بعبد الله بن بكير ، وكلنا يعلم مقام زرارة من الإمام (عليه السّلام) فإنّه ممّن يلقي إليه بسره ، وقد سأل الإمام (عليه السّلام) عن سجود النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) سجدتي السهو وهو الأمر الذي يقول به العامة ، فأجاب (عليه السّلام) بالنفي ، وأضاف إلى ذلك قوله «لا يسجدهما فقيه» ،
__________________
١) سورة البقرة : الآية ٢٣.
٢) الوسائل : ج ٥ ، الباب ٣ من أبواب الخلل في الصلاة ، الحديث ١٣.