والمراد من الفقيه هنا هو الإمام (عليه السّلام) فإنّه الفقيه المطلق.
وعند حصول التعارض بين طائفتين من الروايات تجري قواعد باب التعارض ، والمقرر في مذهبنا في حالة التعارض بين روايتين إحداهما توافق مذهب العامّة والأُخرى تخالفه هو الأخذ بالرواية المخالفة لقول العامة وطرح الرواية الموافقة لهم ، ولا يلزم من طرح تلك الروايات لموافقتها للعامة الخروج عن الدين ولا أي إشكال آخر.
وقال الشيخ بعد أن نقل هذه الرواية : «الذي أفتي به ما تضمنه هذا الخبر» (١).
فإن قال قائل للشيخ : لماذا نقلت روايات السهو وأنت تنفيه عن النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)؟
يقال له : إنّ تلك الروايات تضمّنت حكم الكلام السهوي في الصلاة ، الذي لا يصدر من النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ولا الإمام (عليه السّلام) ، فيستفاد منها عدم بطلان صلاة من تكلم كلاماً سهوياً وأن عليه إتمام صلاته.
ونحن نقول للشيخ : إنّ هذه الروايات محمولة على التقية ؛ لأن فيها : «من قام من مقامه» ، بل في بعضها «لو ذهب إلى الصين ثم تذكَّر أنّه لم يكمل صلاته وجب عليه الإتمام». وهذا مسلك العامة ، فتحمل هذه الروايات على التقية ولا تدل على وقوع السهو من النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم).
مضافاً إلى أنّ الكلام العمدي مبطل للصلاة كما أشرنا إليه سابقاً.
نعم هناك رواية فيها : «فَلِم رسول الله لم يستقبل صلاته وإنّما أتم ما بقي؟ فقال (عليه السّلام) : لأنّه لم يبرح من مكانه ولو برح لأتم ما نقص» (٢).
__________________
١) عبارة الشيخ في التهذيب : ج ٢ ، ص ٣٥١ ، «قال محمد بن الحسن : الذي أفتي به ما تضمّنه هذا الخبر. فأما الأخبار التي قدمناها من أنّ النبي (صلّى اللّٰه عليه وآله وسلّم) سها فسجد فإنّها موافقة للعامة ، وإنما ذكرناها لأنّ ما تضمّنته من الأحكام معمول بها على ما بيّناه».
٢) الوسائل : ج ٥ ، الباب ٣ من أبواب الخلل في الصلاة ، الحديث ٧ و ١٠.