والشيخ لا يوجد فيها كلمة النوم ، بل ذكر فيها السهو وأنّه من أجل أن لا يعيب بعضهم على بعض ، ومن المطمئن به أنّ هذه الزيادة إنما هي من كلام الصدوق وأنّه هو الذي ذكرها في الفقيه ، فحقّ السهو عليه لا على النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم).
الجهة الرابعة ؛ ذكر بعض أدلة العامة على سهو النبي (صلَّى الله عليه وآله) :
استدل بعض العامة على وقوع السهو من النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) : بأنّ الله سبحانه أمر النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) بعدم القعود مع الظالمين إذا نسي ثمّ تذكر بقوله تبارك وتعالى (وإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (١) ، بعد قوله تعالى (وإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِه) (٢).
وللجواب عن هذه الشبهة نذكر أوّلًا هذا التنبيه :
إنّ كلمة النسيان الواردة في القرآن وفي الاستعمالات البلاغية تأتي بمعاني ، منها :
١ ـ ذهاب الفكرة من ذهن الإنسان بعد إدراكها.
٢ ـ الغفلة عن أصل الأمر.
٣ ـ النسيان العملي ، بمعنى الترك ، أي ترك الشيء عملًا فكأنّما هو ناس له. ويستعمل هذا المعنى في القرآن وفي غيره من الاستعمالات العربية كثيراً ، قال الله تعالى في حق أهل النار (الْيَوْمَ نَنْساكُمْ) (٣) ، أي نترككم ، إذ لا يعقل في حق الله سبحانه وتعالى النسيان بمعنى الغياب عنه.
والمراد من النسيان في الآية هو المعنى الثالث ، إذ النسيان الحاصل من
__________________
١) سورة الأنعام : الآية ٦٨.
٢) ينقل هذا القول عن الجبائي ، راجع البحار : ج ١٧ ، ص ٩٨.
٣) سورة الجاثية : الآية ٣٤.