على النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) حتى في وقت النوم ، ولهذا كان نوم النبي حجة شرعية ، بل بعض ما يراه في نومه وحي منزل (١) ، كما في قضية إبراهيم (عليه السّلام) عند ما قال لابنه إسماعيل (عليه السّلام) (يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى) ، فأجابه ابنه وهو يعلم بأن ما رآه أبوه (عليه السّلام) إنّما هو رؤيا منام (يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ الله مِنَ الصَّابِرِينَ) (٢). وهكذا موارد من رؤيا النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) والأئمة (عليهم السّلام) ، كرؤيا الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) القردة الذين ينزون على منبره ، والمراد بهم ملوك بني أُمية الذين سيأتون من بعده بسنين (٣) ، وكرؤيا سيد الشهداء (عليه السّلام) جده (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) عند وداعه الأخير من المدينة أو ليلة
__________________
١) وقد ورد في تفسير قوله تعالى (وَمٰا كٰانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللّٰهُ إِلاّٰ وَحْياً أَوْ مِنْ وَرٰاءِ حِجٰابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً ..) سورة الشورى : الآية ٥١ ، أنّ المراد من (وحياً) الرؤيا في المنام.
وفي البحار : ج ١١ ، ص ٤١ عن الكافي أيضاً : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرار قال : كتب الحسن بن العباس المعروف إلى الرضا (عليه السّلام) : جعلت فداك ، أخبرني ما الفرق بين الرسول والنّبي والإمام؟ قال : فكتب أو قال : الفرق بين الرسول والنّبي والإمام أنّ الرسول الذي ينزل عليه جبرئيل فيراه ويسمع كلامه وينزل عليه الوحي وربّما رأى في منامه نحو رؤيا إبراهيم (عليه السّلام) ، والنّبي ربّما يسمع الكلام وربّما رأى الشخص ولم يسمع ، والإمام هو الذي يسمع الكلام ولا يرى الشخص.
٢) سورة الصافات : الآية ١٠٢.
٣) ورد في البحار : ج ٢٨ ، ص ٧٧ ، عن الكافي : العدة ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحسين ، عن محمد الوليد ومحمد بن أحمد ، عن يونس بن يعقوب ، عن علي بن عيسى القماط ، عن عمه عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال : «رأى رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه وآله وسلّم) في منامه بني أُمية يصعدون على منبره من بعده ويضلون الناس عن الصراط القهقرى ، فأصبح كئيباً حزيناً. قال : فهبط جبرئيل (عليه السّلام) فقال : يا رسول اللّٰه ، ما لي أراك كئيباً حزيناً؟ قال : يا جبرئيل إني رأيت بني أُمية في ليلتي هذه يصعدون منبري من بعدي يضلون الناس عن الصراط القهقرى. فقال : والذي بعثك بالحق نبياً إن هذا شيء ما اطلعت عليه ، فعرج إلى السماء فلم يلبث أن نزل عليه بآي من القرآن يؤنسه بها قال (أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنٰاهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جٰاءَهُمْ مٰا كٰانُوا يُوعَدُونَ مٰا أَغْنىٰ عَنْهُمْ مٰا كٰانُوا يُمَتَّعُونَ) وأنزل عليه (إِنّٰا أَنْزَلْنٰاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ. وَمٰا أَدْرٰاكَ مٰا لَيْلَةُ الْقَدْرِ. لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) جعل اللّٰه عزّ وجلّ ليلة القدر لنبيه (صلّى اللّٰه عليه وآله وسلّم) خيراً من ألف شهر ملك بني أُمية. وجاء في البحار : ج ٩ ، ص ١١٩ عند الكلام حول قوله تعالى (وَمٰا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنٰاكَ إِلاّٰ فِتْنَةً لِلنّٰاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ) .. (سورة الإسراء : الآية ٦٠) : «.. وفيه أقوال ثالثها : إن ذلك رؤيا رآها النبي (صلّى اللّٰه عليه وآله وسلّم) في منامه أن قروداً تصعد منبره وتنزل ، فساءه ذلك واغتم به ، وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد اللّٰه (عليهما السّلام) ..».