أدب إليه في محضره الشريف ، وذلك حينما طلب من أصحابه الجالسين الدواة والكتف ليكتب لهم كتاباً لا يضلَّون بعده أبداً ، فقال قائلهم : «إن الرجل ليهجر»! فلم يعقب الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) على ذلك بشيء غير أنّه أمرهم بالانصراف عنه والقيام من مجلسه. ولو كتب الكتاب الذي أراد أن يكتبه لما كان لكتابته اعتبار عندهم ، ولقالوا : إنّما كتبه اشتباهاً أو سهواً أو أنّه لم يكن في حال الاختيار وما شاكل ذلك من الأعذار ، وحتى يرفعوا قبح هذا الجواب الذي أجابوا به الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) من ذهن الناس جاؤوا بهذه الأحاديث لتدلّ على إمكان حصول الاشتباه والغفلة في حقّه (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ، وأن قول القائل كان في موضعه!
جواب على سؤال :
قام البرهان القطعي على أنّ ما يراد من النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) هو أن يحصّل اليقين للناس ، خصوصاً وأن نبينا (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) لم تكن معجزته كمعجزة النبي موسى وعيسى (عليهما السّلام) ، وإنّما كانت معجزته البيان (وجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (١) ، فيجب في نبي مثل هذا أن لا يكون هناك أي منفذ للدخول منه إليه من أجل إيقاعه في الوسوسة والاشتباه ، ولهذا أكد الله سبحانه وتعالى ذلك بقوله (وما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى. إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) (٢).
جواب على سؤال حول عصمة الأنبياء : عندنا أدلة قاطعة على عصمة الأنبياء ، ومن قرأ الأُصول حق قراءتها يعرف تمامية ما نقول ، فقد ذكر في مبحث المشتق بحث حول هذه الآية (لا يَنالُ عَهْدِي
__________________
١) سورة النحل : الآية ١٢٥.
٢) سورة النجم : الآيتان ٣ ـ ٤.