إنّه من دخل في هذا الأمر بغير يقين ولا بصيرة ، خرج منه كما دخل فيه ، رزقنا الله وإيّاك معرفة ثابتة على بصيرة.
واُخبرك أنّي لو قلت : إنّ الصلاة ، والزكاة ، وصوم شهر رمضان ، والحجّ ، والعمرة ، والمسجد الحرام ، والبيت الحرام ، والمشعر الحرام ، والطهر ، والاغتسال من الجنابة ، وكلّ فريضة كان ذلك هو النبي صلىاللهعليهوآله الذي جاء به من عند ربّه ، ( لصدقت لأنّ ذلك كلّه إنّما يعرف ) (١) بالنبي صلىاللهعليهوآله ، ولولا معرفة ذلك النبي صلىاللهعليهوآله والإقرار به ، والتسليم له ، ما عرفت ذلك ، فذلك من الله عزّ وجلّ على من يمنّ به عليه ، ولولا ذلك لم أعرف شيئاً من هذا.
فهذا كلّـه ذلـك النبي صلىاللهعليهوآله وأصلـه ، وهو فرعه ، وهو دعاني إليه ، ودلّني عليه ، وعرّفنيه ، وأمرني به ، وأوجب له عليّ الطاعة ، فيما أمرني به لايسعني جهله ، وكيـف يسعني جهـل من هـو فيما بيني وبين الله عزّ وجلّ ، وكيف يستقيم لي
لولا أنّي أصـف أنّ ديني هـو الـذي أتـاني بـه ذلك النبي صلىاللهعليهوآله ـ أن أصف أنّ الدين غيره.
وكيف لا يكون هو معرفة الرجل ، وإنّما هو الرجل الذي جاء به عن الله عزّ وجلّ ، وإنّما أنكر دين الله عزّ وجلّ من أنكره ، بأن قال : ( أبعث الله بشراً رّسولاً ) (٢) ثمّ قال : ( أبشر يهدوننا فكفروا ) (٣) بذلك الرجل وكذّبوا به ( وتولّوا
__________________
١ ـ في نسخة « س و ض » : لأنّك إنّما عرفت ذلك كلّه. بدل ما بين القوسين.
٢ ـ الاسراء ١٧ : ٩٤.
٣ ـ التغابن ٦٤ : ٦.