أهل الباطل ، والظاهر منها فروعهم.
ولم يبعث الله نبيّاً قط يدعو إلى معرفة ليس معها طاعة في أمر أو نهي ، وإنّما يتقبّل الله من العباد العمل بالفرائض التي افترضها على حدودها ، مع معرفة من جاءهم بها من عنده ودعاهم إليه ، فأوّل ذلك معرفة من دعا إليه ، ثمّ طاعته فيما افترض فيما يقرّ به (١) ممّن لا طاعة له ، وإنّه من عرف أطاع ، ومن أطاع حرّم الحرام ، ظاهره وباطنه ، ولا يكون تحريم الباطن واستحلال الظاهر ، إنّما حرّم الظاهر بالباطن ، والباطن بالظاهر معاً جميعاً ، ولا يكون الأصل والفرع ، وباطن الحرام حرام وظاهره حلال ، ولايحرّم الباطن ويستحلّ الظاهر.
وكذلك لا يستقيم أن يعرف صلاة الباطن ولايعرف صلاة الظاهر ، ولا الزكاة ، ولا الصوم ، ولا الحجّ ، ولا العمرة ، ولا المسجد الحرام ، ولا جميع حرمات الله ( ولا شعائر الله ) (٢) ، وأن تترك بمعرفة الباطن لأنّ باطنه ظهره ، ولا يستقيم واحد منهما إلاّ بصاحبه إذا كان الباطن حراماً خبيثاً ، فالظاهر منه حرام خبيث ، إنّما يشبّه الباطن بالظاهر.
من زعم أنّ ذلك أنّها (٣) المعرفة ، وأنّه إذا عرف اكتفى بغير طاعة فقد كذب وأشرك ، وذلك لم يعرف ولم يطع ، وإنّما قيل : إعرف واعمل ما شئت من الخير فإنّه يقبل ذلك منه ، ولايقبل ذلك منك بغير معرفة ، فإذا عرفت فاعمل لنفسك ما شئت من الطاعة والخير قلّ أو كثر ، ( بعد أن لاتترك شيئاً من الفرائض والسنن
__________________
١ ـ في نسخة « س و ض » : فيما اُمر به ، بدل : فيما يقرّ به.
٢ ـ في نسخة « ض » : وشعائره.
٣ ـ في البصائر : إنّما هي.