ثمّ قال أبو جعفر عليهالسلام : أمّا كتاب الله فحرّفوا (١) ، وأمّا الكعبة
__________________
١ ـ يطلق لفظ التحريف ويراد منه عدّة معان على سبيل الإشتراك :
الأول : نقل الشيء عن موضعه وتحويله إلى غيره ، ومنه قوله تعالى ( من الذين هادوا يحرّفون الكلم عن مواضعه ) ولا خلاف بين المسلمين في وقوع مثل هذا التحريف في كتاب الله ، فإنّ كلّ من فسّر القرآن بغير حقيقته ، وحمله على غير معناه فقد حرّفه.
الثاني : النقص أو الزيادة في الحروف أو في الحركات ، مع حفظ القرآن وعدم ضياعه ، وإن لم يكن متميزاً في الخارج عن غيره. والتحريف بهذا المعنى واقع في القرآن قطعاً ، فقد أثبتنا عدم تواتر القراءات ، ومعنى هذا أنّ المنزل إنّما هو مطابق لإحدى القراءات ، وأمّا غيرها فهو إمّا بزيادة وإمّا بنقيصة فيه.
الثالث : النقص أو الزيادة بكلمة أو كلمتين مع التحفظ على نفس القرآن المنزل. والتحريف بهذا المعنى قد وقع في صدر الاسلام ، وفي زمن الصحابة قطعاً ، ويدلّنا على ذلك إجماع المسلمين على أنّ عثمان أحرق جملة من المصاحف ، وأمر ولاته بحرق كلّ مصحف غير ما جمعه ، وهذا يدلّ على أنّ هذه المصاحف كانت مخالفة لما جمعه ، وإلاّ لم يكن هناك سبب موجب لإحراقها.
الرابع : التحريف بالزيادة والنقيصة في الآية والسورة مع التحفظ على القرآن المنزل ، والمتسالم على قراءة النبي صلى الله عليه وآله إيّاها. والتحريف بهذا المعنى أيضاً واقع في القران قطعاً. فالبسملة ـ مثلاً ـ ممّا تسالم المسلمون على أنّ النبي صلى الله عليه وآله قرأها قبل كلّ سورة غير سورة التوبة ، وقد وقع الخلاف في كونها من القرآن بين علماء السنّة ، وأمّا الشيعة فهم متسالمون على جزئية البسملة من كلّ سورة غير سورة التوبة.
الخامس : التحريف بالزيادة ، بمعنى أنّ بعض المصحف الذي بأيدينا ليس من الكلام المنزل. والتحريف بهذا المعنى باطل باجماع المسلمين ، بل هو ممّا علم بطلانه بالضرورة.
السادس : التحريف بالنقيصة ، بمعنى أن المصحف الذي بأيدينا لا يشتمل على جميع القرآن