وخلّف عليّاً عليهالسلام في اُمور لم يكن يقوم بها أحد غيره ، وكان خروج رسول الله صلىاللهعليهوآله من مكّة في أول يوم من ربيع الأول ، وذلك يوم الخميس من سنة ثلاث عشرة من المبعث ، وقدم المدينة لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول مع زوال الشمس ، ونزل بقبا (١) فصلّى الظهر ركعتين والعصر ركعتين.
ثمّ لم يزل مقيماً ينتظر علياً عليهالسلام ، يصلّي الخمس صلوات ركعتين ركعتين ، وكان نازلاً على عمرو بن عوف (٢) ، فأقام عندهم بضعة عشر يوماً ، يقولون له : أتقيم عندنا فنتّخذ لك منزلاً ومسجداً؟ فيقول : لا ، إنّي أنتظر علي بن أبي طالب عليهالسلام ، وقد أمرته أن يلحقني ، فلست مستوطناً منزلاً حتى يقدم عليّ عليهالسلام ، وما أسرعه إن شاء الله ، فقدم علي عليهالسلام والنبي صلىاللهعليهوآله في بيت (٣) عمرو بن عوف فنزل معه.
ثمّ إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله لمّا قدم علي عليهالسلام تحوّل عن قبا إلى بني سالم بن عوف ـ وعلي عليهالسلام معه ـ يوم الجمعة مع طلوع الشمس ، فخطّ لهم مسجداً ونصب قبلته ، فصلّى بهم الجمعة ركعتين وخطب خطبتين.
ثمّ راح من يومه إلى المدينة على ناقته التي كان قدم عليها ، وعلي عليهالسلام معه لا يفارقه ، يمشي بمشيته ، وليس يمرّ رسول الله صلىاللهعليهوآله ببطن من بطون الأنصار إلاّ قاموا إليه يسألونه أن ينزل عليهم ، فيقول لهم : خلّوا سبيل الناقة فإنّها مأمورة ، فانطلقت به ورسول الله صلىاللهعليهوآله واضع لها زمامها حتى انتهت إلى هذا الموضع الذي ترى ـ
__________________
١ ـ قُبا : وأصله اسم بئر هناك عرفت القرية بها ، وهي مساكن بني عمرو بن عوف من الأنصار ، وهي ميلين من المدينة على يسار القاصد إلى مكة ، وهناك مسجد التقوى عامر ، قدّامه رصيف وفضاء حسن وآبار ومياه عذبة. معجم البلدان ٤ : ٣٠١ ـ ٣٠٢.
٢ ـ في نسخة : بني عمرو بن عوف. حاشية نسخة « س ».
٣ ـ في نسختي « س و ض » : بني. بدل : بيت.