لكأنّي أنظر إليهم على البراذين (١) الشهب ، بأيديهم الحراب ، يتعاوون شوقاً إلى الحرب كما تتعاوى الذئاب ، أميرهم رجل من تميم ، يقال له : شعيب بن صالح ، فيقبل الحسني (٢) فيهم ، وجهه كدائرة القمر يروع الناس جمالاً ، فيبقى على أثر الظلمة ، فيأخذ سيفه الصغير والكبير ، والوضيع والعظيم ، ثم يسير بتلك الرايات كلّها حتى يرد الكوفة ، ( وقد جمع بها ) (٣) أكثر أهل الأرض ويجعلها له معقلاً.
ثمّ يتّصل به وبأصحابه خبر المهدي عليهالسلام فيقولون له : يابن رسول الله من هذا الذي نزل بساحتنا؟ فيقول الحسني : اخرجوا بنا إليه حتى تنظروا من هو؟ وما يريد؟ وهو يعلم والله أنّه المهدي عليهالسلام وإنّه ليعرفه ، وإنّه لم يرد بذلك الأمر إلاّ الله (٤).
فيخرج الحسني وبين يديه أربعة آلاف رجل في أعناقهم المصاحف ، وعليهم المسوح ، مقلّدين بسيوفهم ، فيقبل الحسني حتى ينزل بقرب المهدي عليهالسلام فيقول : سائلوا عن هذا الرجل من هو وماذا يريد؟ فيخرج بعض أصحاب الحسني إلى عسكر المهدي عليهالسلام ، فيقول : أيّها العسكر الجائل من أنتم حيّاكم الله؟ ومن صاحبكم هذا؟ وماذا يريد؟ فيقول أصحاب المهدي عليهالسلام : هذا مهدي آل محمّد عليهمالسلام ، ونحن أنصاره من الجنّ والإنس والملائكة ، ثمّ يقول الحسني : خلّوا بيني وبين هذا ، فيخرج إليه المهدي عليهالسلام ، فيقفان بين العسكرين ، فيقول الحسني : إن كنت مهدي آل محمّد صلىاللهعليهوآله فأين هراوة جدّي رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وخاتمه ، وبردته ، ودرعه الفاضل ،
__________________
١ ـ البرذون : الاُنثى من الدواب. اُنظر الصحاح ٥ : ٢٠٧٨ ـ برذن.
٢ ـ في المختصر المطبوع ونسخه الثلاثة : الحسين عليهالسلام ، وما أثبتناه من المصدر والبحار ، وكذا الموارد الآتية.
٣ ـ في المصدر والبحار : وقد صفا.
٤ ـ في البحار : ليعرّف أصحابه من هو؟. بدل لفظ الجلالة.