عذباً وبحراً اُجاجاً ، فخلق تربة آدم عليهالسلام من البحر العذب وسنّ (١) عليها من البحر الاُجاج ، ثمّ جبل (٢) آدم فعركه عرك الأديم ، فتركه ما شاء الله.
فلمّا أراد أن ينفخ فيه الروح أقامه شبحاً ، فقبض قبضة من كتفه الأيمن فخرجوا كالذرّ ، فقال : هؤلاء إلى الجنّة ، وقبض قبضة من كتفه الأيسر وقال : هؤلاء إلى النار.
فأنطق الله عزّ وجلّ أصحاب اليمين وأصحاب اليسار ، فقال أصحاب اليسار : لم خلقت لنا النار ، ( ولم يثبت لنا ذنب ) (٣) ، ولم تبعث إلينا رسولاً؟! فقال الله عزّ وجلّ لهم : ذلك لعلمي بما أنتم صائرون إليه ، وإنّي سأبليكم ، فأمر عزّ وجلّ النار فاستعرت.
ثمّ قال لهم ، تقحّموا (٤) جميعاً في النار ، فإنّي أجعلها عليكم برداً وسلاماً ، فقالوا : يا ربّ إنّما سألناك لأيّ شيء جعلتها (٥) لنا؟ هرباً منها ، ولو أمرت أصحاب اليمين ما دخلوها ، فأمر الله عزّ وجلّ النار فاستعرت ، ثمّ قال لأصحاب اليمين : تقّحموا جميعاً في النار ، فتقحّموا جميعاً فكانت عليهم برداً وسلاماً ، فقال لهم جميعاً : ألست بربّكم؟ قال أصحاب اليمين : بلى طوعاً ، وقال أصحاب الشمال : بلى كرهاً ، فأخذ منهم جميعاً ميثاقهم وأشهدهم على أنفسهم.
__________________
١ ـ في العلل : شنّ : وهو بمعنى فرّق. الصحاح ٥ : ٢١٤٥ ـ شنن.
وسنّ بمعنى صبّ وأرسل الصحاح ٥ : ٢١٤١ ـ سنن.
والمعنى الثاني أقرب لسياق الحديث.
٢ ـ جبل : وجَبَله الله أي خَلَقه. الصحاح ٤ : ١٦٥٠ ـ جبل.
٣ ـ في العلل : ولم تبيّن لنا. بدل ما بين القوسين.
٤ ـ قحم : رمى نفسه فجأة بلا رويّة. القاموس المحيط ٤ : ١٦١ ـ قحم.
٥ ـ في نسخة « س » : خلقتها.