فأصاب المؤمن السيئات بسبب المزاج ، وأصاب الناصب الحسنات للمزاج ، وقد ورد أنّ حكمة المزاج اشتباه الصورتين ، صورة المؤمن وصورة الناصب ولولاه لامتاز كلّ منهما ، وفي ذلك تعب المؤمن وقصده بالأذى ، وحتى تشتبه الأعمال في الظاهر ، حتى يعمل المؤمن في دولة الظالمين ولا يمتاز ، وهذا في الأبدان خاصّة دون الأرواح.
فالقبضة المذكورة في الحديث كانت في الأبدان التي هي قالب الأرواح المؤمنة والكافرة ، وهي تبع الأرواح في الخلق وفي التكليف والمعاد ، فليس في الحديث إشكال مع هذا.
وأمّا تبديل سيّئات المؤمن بحسنات الناصب ، وحمل الناصب سيّئات المؤمن ، فقد جاء في الكتاب العزيز وفسّره آل محمّد عليه وعليهم السلام بهذا ، وهم أهل الذكر الذين يجب سؤالهم والردّ إليهم ، وما يعلم تأويله إلاّ الله والراسخون في العلم وهم هم بغير شكّ ، ويجب التسليم لهم والردّ إليهم كما قال سبحانه ( فلا وربّك لا يؤمنون حتى يحكّموك فيما شجر بينهم ثمّ لا يجدوا في أنفسهم حرجاً ممّا قضيت ويسلّموا تسليماً ) (١) وقد جاء في الحديث إنّما الكفر أن يحدَّث أحدكم بالحديث فلم يقبله فينكره ، ويقول : ما كان هذا ، وقد جاء عنهم عليهمالسلام : « حديثنا صعب مستصعب لا يحتمله إلاّ ملك مقرّب أو نبيّ مرسل أو عبد امتحن الله قلبه للإيمان » فالملك الغير المقرّب لا يحتمله ، والنبيّ الغير المرسل لا يحتمله ، والمؤمن الغير الممتحن لا يحتمله ، ألا ترى أنّ موسى عليهالسلام حيث رأى من الخضر عليهالسلام ما لا يعرفه ، أنكره ولم يطق حمله حتى فسّره له ، وهو بمكانه من الله وقربه منه.
__________________
١ ـ النساء ٤ : ٦٥.