مصيباً ، وموافقاً للواقع ، ومعذّراً للمكلّف إذا كان مخالفاً له ، وهذا ما يعبّر عنه في علم الأُصول بأنّ الغاية من الحجية ، هو المنجّزية والمعذّرية.
هذا من جانب ومن جانب آخر ، انّ المنجزية المعذرية ليستا من آثار الحجّة الواقعية وإن لم يقف عليها المكلّف ، إذ في ظرف عدم الوقوف عليها ، تكون البراءة الشرعية والعقلية محكّمة لقوله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) : «رفع عن أُمّتي ما لا يعلمون» ، وحكم العقل بقبح العقاب بلا بيان.
فعلى ضوء هذين الأمرين ففي ظرف الشكّ في حجّية ظن من الظنون كخبر الواحد أو القياس يكون الشاك قاطعاً بعدم الحجّية ، وينتج الشك في الحجّية ، القطع بعدمها ، لما عرفت من أنّ الغاية منها هو المنجزية والمعذرية ، وهما من آثار معلوم الحجّية لا مشكوكها.
وهنا بيان آخر ربّما يكون أوضح من السابق وهو :
إنّ البدعة أمر محرم إجماعاً من غير خلاف ؛ وهي عبارة عن إدخال ما يعلم أنّه ليس من الدين أو يشكّ انّه منه ، في الدين ؛ والاعتماد على الظن الذي لم يقم دليل على جواز العمل والإفتاء على وفقه ، التزام بكون مؤدّاه حكم الله في حقّه وحقّ غيره ، وهذا هو نفس البدعة ، لأنّه يُدخل في الدين ما يشكّ انّه من الدين.
وبعبارة أُخرى : انّ العمل بالظن عبارة عن صحّة إسناد مؤدّاه إلى الشارع في مقام العمل ، ومن المعلوم أنّ إسناد المؤدّى إلى الشارع والعمل به إنّما يصحّ في حالة الإذعان بأنّ الشارع جعله حجّة ، وإلّا يكون الإسناد تشريعاً قولياً وعملياً دلّت على حرمته الأدلّة الأربعة ، وليس التشريع إلّا إسناد ما لم يعلم أنّه من الدين إلى الدين.
قال سبحانه : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَراماً