وَحَلالاً قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ). (١)
فالآية تدلّ على أنّ الإسناد إلى الله يجب أن يكون مقروناً بالإذن منه سبحانه ، وفي غير هذه الصورة يعدّ افتراءً ، سواء كان الإذن مشكوك الوجود كما في المقام أو مقطوع العدم ، والآية تعمّ كلا القسمين ، والمفروض أنّ العامل بالظن شاك في إذنه سبحانه ومع ذلك ينسبه إليه.
وقال سبحانه : (وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَاللهُ أَمَرَنا بِها قُلْ إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ). (٢)
تجد انّه سبحانه يذم التقوّل بما لا يُعلم حدوده من الله ، سواء أكان مخالفاً للواقع أم لا ، والعامل بالظن يتقوّل بلا علم.
فخرجنا بالنتيجة التالية :
إنّ الضابطة الكلية في العمل بالظن هي المنع ، لكونه تشريعاً قولياً وعملياً محرّماً وتقوّلاً على الله بغير علم ، فالأصل في جميع الظنون أي في باب الحجج هو عدم الحجّية ، إلّا إذا قام الدليل القطعي على حجّيته.
وعلى ضوء ذلك فنفاة القياس في فسحة من إقامة الدليل على عدم حجّيته ، لأنّ الأصل عدم حجّية الظن إلّا ما قام على حجّيته الدليل ، وإنّما يلزم على مثبتي القياس إقامة الدليل القطعي على أنّ الشارع سوّغ العمل بهذا النوع من الظن كما سوغ العمل بخبر الثقة. ولو قام الدليل القطعي على حجّيته ، لخرج عن البدعة وصار ممّا أذن الله به وأن يعبد وهذا ما ندرسه في الفصل الثاني. فإن ثبت الدليل القاطع على حجّية هذا الظن نخرج من الأصل بالدليل ، وإلّا كان الأصل هو المرجع.
__________________
(١) (يونس : ٥٩.)
(٢) الأعراف : ٢٨.