ذكروا جملة من الحيل الموجبة للخروج من الربا كما قدّمنا ذكره في كتاب البيع ، ومنها ما ذكر هنا ، وهو أن يبيعه المساوي ويهب له الزائد. وظاهر المحقّق المذكور التوقّف في ذلك من حيث عدم القصد إلى الهبة ، وإنّما الغرض منها التوصّل إلى تحليل ما حرّم الله تعالى بالحيل إلّا ما ورد به النصّ. (١)
وعلى كلّ تقدير فالذي يمنع فقهاء الشيعة من التحيّل حتّى بأسباب محلّلة الأمران التاليان :
الأوّل : فقدان القصد ، وإنّما القصد إلى تحليل الربا فقد اعتمد المحقّق الأردبيلي في مبادلة الزائد بالناقص مع استيهاب الزائد على عدم قصد الهبة جداً حيث قال : وهو ظاهر لو حصل القصد في البيع والهبة. (٢)
وهذا الإشكال لا يختصّ به ، وقد أشار إليه قبله الشهيد الثاني ، وأجاب عنه بقوله : ولا يقدح في ذلك كون هذه الأُمور غير مقصودة بالذات ، والعقود تابعة للقصود ، لأنّ قصد التخلّص من الربا إنّما يتم مع القصد إلى بيع صحيح ، أو قرض ، أو غيرهما من الأنواع المذكورة ، وذلك كاف في القصد ، إذ لا يشترط في القصد إلى عقد ، قصدُ جميع الغايات المترتبة عليه ، بل يكفي قصد غاية صحيحة من غاياته ، فإنّ من أراد شراء دار مثلاً ليؤاجرها ويكتسب بها فإنّ ذلك كاف في الصحّة ، وإن كان لشراء الدار غايات أُخر أقوى من هذه وأظهر في نظر العقلاء. وكذا القول في غير ذلك من أفراد العقود. وقد ورد في أخبار كثيرة ما يدلّ على جواز الحيلة على نحو ذلك. (٣)
وقد سلك منهج الشهيد الثاني ، المحدّث البحراني فقال : فما ذكره المحقّق
__________________
(١) (الحدائق الناضرة : ٣٧٧ / ٢٥.)
(٢) (مجمع الفائدة والبرهان : ٤٨٨ / ٨.)
(٣) مسالك الأفهام : ٣٣٢ / ٣.