٢. أنّ بعضهم كالأردبيلي وغيره يجتنبون عن إعمال الحيل ، إمّا لأجل فقدان القصد إلى السبب الحلال ، حيث إنّ القصد متوجّه إلى الأمر الحرام ، أو لكون التوصّل إلى الحيل يناقض غرض الشارع في تشريع الأحكام والحقوق ، وهذا أشبه بمن حرّم شيئاً ثمّ جعل طريقاً لنقضه.
ونختم الكلام بما جاء في تفسير الإمام العسكري (عليهالسلام) عند قوله سبحانه في سورة البقرة (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ) (١) ، فنقل فيه عن علي بن الحسين (عليهالسلام) : كان هؤلاء قوماً يسكنون على شاطئ بحر ، فنهاهم الله وأنبياؤه عن اصطياد السمك في يوم السبت ، فتوصّلوا إلى حيلة ليحلّوا بها لأنفسهم ما حرم الله ، فخدّوا أخاديد وعملوا طرقاً تؤدي إلى حياض يتهيّأ للحيتان الدخول فيها من تلك الطرق ، ولا يتهيّأ لها الخروج إذا همّت بالرجوع ، فجاءت الحيتان يوم السبت جارية على أمان الله لها ، فدخلت الأخاديد وحصّلت في الحياض والغدران ، فلمّا كانت عشيّة اليوم همّت بالرجوع منها إلى اللجج لتأمن من صائدها ، فرامت الرجوع فلم تقدر ، وبقيت ليلتها في مكان يتهيّأ أخذها بلا اصطياد لاسترسالها فيه ، وعجزها عن الامتناع لمنع المكان لها ، فكانوا يأخذون يوم الأحد ويقولون : ما اصطدنا يوم السبت وإنّما في الأحد ، وكذب أعداء الله ، بل كانوا آخذين لها بأخاديدهم الّتي عملوها يوم السبت حتّى كثر من ذلك مالهم». (٢)
هذا بعض ما وقفنا عليه من الكلمات ، وإليك بعض ما ورد عن فقهاء أهل السنّة.
__________________
(١) (البقرة : ٦٥.)
(٢) تفسير الإمام العسكري : ١٣٦.