ولا يخفى أنّ النوع الثاني والثالث ليس من قبيل الحيل فإنّ الشارع هو الّذي رخّص تعطيل باب والدخول من باب آخر.
فإنّ الاتجار بالمال الزكوي قبل السنة أو السفر في شهر رمضان ممّا رخّص فيه الشارع فلا يوصف بالتحيّل.
وأمّا النوع الرابع فتجويزه عجيب ، وأنّ مع ذلك أن لا يستقر حجر على حجر في باب الأيمان ، إذ عندئذ يجوز لكلّ من يريد أن يحنث أن يدخل من نفس الباب الّذي فتحه الشاشي.
٥. فصّل الفقيه المعاصر الدكتور وهبة الزحيلي بين ما قصد بالوسيلة الوصول إلى المحرّم فهو حرام وإلّا فلا ، ورتّب على ذلك ما يلي :
١. حيلة شرعية مباحة : وهي التحيّل على قلب طريقة مشروعة وضعت لأمر معيّن ، واستعمالها في حالة أُخرى بقصد التوصّل إلى إثبات حقّ أو دفع مظلمة ، أو إلى التيسير بسبب الحاجة ، فهذا الفرع من الحيل لا يهدم مصلحة شرعية ، فهو إذن جائز شرعاً ؛ لأنّه ليس المقصود به إبطال الحق ، وإنّما هو تخريج فقهي للخروج من مأزق ، ولا يقصد به إبطال أحكام الشرع ، أو التعدي على أحد في ماله أو نفسه.
مثاله : أنّ أهالي بخارى اعتادوا الإجارة الطويلة ، وبما أنّ هذه الإجارة لا تجوز عند الحنفية في الأشجار ، اضطرّوا إلى وضع حيلة بيع الكرم وفاء (١) ، فالبيع الوفائي حيلة شرعية اتّخذت بسبب حاجة الناس ، ولأجل التخلّص من قاعدة منع الإجارة الطويلة في الأشجار.
__________________
(١) بيع الوفاء هو البيع بشرط أنّ البائع متى ردّ الثمن يرد المشتري المبيع إليه ، وإنّما سمّي بيع الوفاء لأنّ المشتري يلزمه الوفاء بالشرط ، وربّما يسمّى بيع العهدة أو بيع الأمانة ، أو بيع الطاعة ، إلى غير ذلك من الأسماء. لاحظ الموسوعة الفقهية : ٢٦٠ / ٩.