المضائق ، نظير تجويز السفر في شهر رمضان لغاية الإفطار ، قال سبحانه : (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ). (١)
فخيّر المكلّف بين البقاء في بلده فيصوم ، والخروج عنه فيفطر ، فالخروج عن ضيق الصوم بالسفر ، ممّا أرشده إليه الشارع. وليس بإيعاز من المكلّف نفسه.
ونظير تجويز نكاح المطلّقة ثلاثاً بعد التحليل ، إذ من المعلوم أنّه من طلّق زوجته ثلاثاً حرمت عليه أبداً ، قال سبحانه : (فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ) وفي الوقت نفسه إنّ الشارع قد أرشده إلى الخروج من هذا المأزق بقوله : (حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَها فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يَتَراجَعا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيما حُدُودَ اللهِ). (٢)
فلو طلّقها بعد نكاحها والدخول بها عن رضى ، جاز نكاحها ثانياً عملاً بالنص.
فلا أظن فقيهاً من المذاهب يرى مثل هذا التحيّل أمراً قبيحاً ، أو على خلاف المصلحة ، فإنّ معنى ذلك هو رفض التشريع الإلهي ، بل يمكن أن يقال : إنّ هذا القسم خارج عن محلّ الكلام ، لاختلاف موضوعي الحكمين ، فقد وجب الصوم على الحاضر ، والإفطار على المسافر ، ومثله المطلقة ثلاثاً. فالمحرّمة هي غير المنكوحة للغير ، والمحلّلة هي المنكوحة بعد الطلاق.
الثاني : إذا كان هناك أمر واحد له طريقان ، أحلّ الشارع أحدهما وحرّم الآخر ، فلو سلك الحلال لا يعدّ ذلك تمسّكاً بالحيلة ، لأنّه اتّخذ سبيلاً حلالاً إلى أمر حلال.
__________________
(١) (البقرة : ١٨٥.)
(٢) البقرة : ٢٣٠.