نعم رفع هذه الأُمور التسعة بعد تحقّقها رفع ادّعائي باعتبار رفع آثارها ، فتعلّقت الإرادة الاستعمالية برفع نفس هذه الأُمور التسعة المتحقّقة ، وتعلّقت الإرادة الجدية برفع آثارها.
٢. انّ نسبة الرفع إلى هذه التسعة مع وجودها يحتاج إلى مصحّح ومسوّغ وإلّا يلزم الكذب ، وليس الحديث متفرداً في هذا الباب ، بل له نظائر ، مثل قوله : «لا ضرر ولا ضرار» ، «لا طلاق إلّا على طهر» ، «لا رضاع بعد فطام» ، «لا رهبانية في الإسلام» ، فمع أنّ هذه الأُمور التي دخلت عليها «لا» النافية ، موجودة متحقّقة في صحيفة الوجود لكن الشارع أخبر عن عدمها ، والمصحّح لهذا الإخبار هو سلب آثارها ، مثلاً لا يترتب على الرضاع بعد الفطام أثر الرضاعة وهكذا ، وعلى ذلك فيلزم تعيين ما هو الأثر المسلوب في هذه التسعة خصوصاً قوله : «ما لا يعلمون» وهذا هو المهم في المقام.
٣. انّ لفظة «ما» في قوله : «ما لا يعلمون» موصولة تعمّ الحكم والموضوع المجهولين ، لوضوح انّه إذا جهل المكلّف بحكم التدخين ، أو جهل بكون المائع الفلاني خلاً أو خمراً ، صدق على كلّ منهما أنّه من «ما لا يعلمون» ، فيكون الحديث عاماً حجّة في الشبهة الحكمية والموضوعية معاً.
إذا عرفت ذلك ، فنقول : إنّ الرفع كما عرفت رفع تشريعي ، والمراد منه رفع الموضوع بلحاظ رفع أثره ، فحينئذ يقع الكلام في تعيين ما هو الأثر المسلوب الذي صار مصحِّحاً لنسبة الرفع إليها ، فهنا أقوال ثلاثة :
١. المرفوع هو المؤاخذة.
٢. المرفوع هو الأثر المناسب لكلّ واحد من تلك الفقرات ، كالمضرّة في الطيرة ، والكفر في الوسوسة.
٣. المرفوع هو جميع الآثار أو الآثار البارزة.