والظاهر هو الأخير ، لوجهين :
الأوّل : أنّه مقتضى الإطلاق وعدم التقييد بشيء من المؤاخذة والأثر المناسب.
الثاني : أنّ فرض الشيء مرفوعاً في لوح التشريع ينصرف إلى خلوّه عن كلّ أثر وحكم ، أو عن الآثار البارزة له. (١) فلو كان البعض مرفوعاً دون البعض ، فلا يطلق عليه أنّه مرفوع.
وإن شئت قلت : إنّ وصف الشيء بكونه مرفوعاً في صفحة التشريع إنّما يصحّ إذا كان الشيء فاقداً للأثر مطلقاً فيصحّ للقائل أن يقول بأنّه مرفوع ، وإلّا فلو كان البعض مرفوعاً دون بعض لا يصحّ ادّعاء كونه مرفوعاً ، من غير فرق بين الآثار التكليفية كحرمة شرب الخمر ووجوب جلد الشارب إذا كان الشارب جاهلاً بالحرمة ، أو الوضعية كالجزئية والشرطية عند الجهل بحكم الجزء والشرط أو نسيانهما وكالصحة في العقد المكره.
ويؤيد عموم الآثار ما رواه البرقي ، عن صفوان بن يحيى وأحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي جميعاً ، عن أبي الحسن (عليهالسلام) في الرجل يُستكره على اليمين فيحلف بالطلاق والعتاق وصدقة ما يملك أيلزمه ذلك؟ فقال : «لا ، قال رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) : وضع عن أُمّتي ما أُكرهوا عليه وما لم يطيقوا وما أخطئوا». (٢)
وقد تمسّك الإمام بالحديث على بطلان الطلاق ورفع الصحة ، فيكشف عن أنّ الموضوع أعم من المؤاخذة والحكم التكليفي والوضعي.
__________________
(١) كما في قول الإمام علي (عليهالسلام) : «يا أشباه الرجال ولا رجال» هذا إذا كان الأثر منقسماً إلى بارز وغيره ، وأمّا إذا كان الجميع على حد سواء ، فالمرفوع هو جميع الآثار كما في المقام.»
(٢) الوسائل : ١٦ ، الباب ١٢ من أبواب الأيمان ، الحديث ١٢ ، نقلاً عن المحاسن.