يستدلُّ بها الوحي على الناس ويقول : (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) (١) ، ويذكر في آية أُخرى انّه سبحانه أبطل ببعث الرسل ، حجّة الكفّار والعصاة حيث قال : (وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقالُوا رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزى) (٢). فتبين بذلك انّ الكبرى من الأحكام الواضحة لدى العقل والعقلاء بشرط التقرير على نحو ما ذكرناه.
الإشكال على صغرى البرهان
قد عرفت حال الإشكال على الكبرى ، ولكنّ هناك إشكالاً آخر يتوجه إلى الصغرى تعرّض إليه المحقّقون ، وحاصل الإشكال انّه يكفي في مقام البيان حكم العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل ، الموجود في مورد الشبهة التحريمية الحكمية ، ويكون شكل القياس بالنحو التالي :
في المشتبه التحريمي ضرر محتمل.
وكل ما فيه ضرر محتمل يلزم تركه.
فينتج المشتبه التحريمي يجب تركه.
يلاحظ عليه : أنّ المراد من الضرر في القاعدة أحد الأُمور الثلاثة :
أ. العقاب الأُخروي.
ب. الضرر الدنيوي الشخصي.
ج. المصالح والمفاسد الاجتماعية.
أمّا الأوّل : أي العقاب الأُخروي فهو بين قطعيّ الإحراز ، وقطعيّ الانتفاء ، وليس هنا ضرر محتمل ؛ فالأوّل كما في مورد العلم الإجمالي بحرمة أحد الأمرين أو
__________________
(١) (الاسراء : ١٥.)
(٢) طه : ١٣٤.