وأمّا الثاني وهو إذا كانت العلّة الّتي هي دليل حكم الأصل يقاس بها على ذلك الأصل على أصل آخر ، فإن لم يمكن أن يقاس الفرع الآخر بتلك العلّة على الأصل الأوّل ، فالخلاف فيه كالخلاف فيما تقدّم. وإن أمكن كرد الذرة إلى الارز بعلّة الكيل وردّ الارز إلى البر بهذه العلّة ، تطويل لا فائدة فيه ، لإمكان ردّ الذرة إلى البر بهذه العلّة.
البحث الثاني : في جواز تعدّد معلول العلّة الواحدة
العلّة قد يكون لها حكم واحد وهو ظاهر ، وقد يكون لها أكثر من حكم واحد فإمّا أن تكون متماثلة ، أو متضادّة ، أو مختلفة غير متضادّة.
والأوّل إن كانت في ذات واحدة فهو محال ، لاستحالة اجتماع المثلين ، ومن سوّغه سوّغ ذلك وإن تعدّد جاز ، كالقتل الحاصل بفعل زيد وعمرو فإنّه يوجب القصاص على كلّ واحد منهما.
والثاني لا يخلو إمّا أن يتوقّف إيجابها لها على شرط أو لا. فإن توقّف فالشرطان إن لم يجتمعا جاز ذلك ، فتكون العلّة موجبة لحكمين متضادّين عند حصول شرطين لا يجتمعان ، كاقتضاء الجسمية الحركة عند الخروج عن المكان الملائم والسكون عند الحصول فيه.
وإن أمكن اجتماعهما ، فهو محال ، لأنّهما إذا اجتمعا فلم تكن العلّة باقتضاء أحدهما أولى من اقتضاء الآخر ، فوجب أن تقتضيهما جميعا ، وهو محال ، أو أن لا تقتضي واحدا منهما ، فتخرج العلّة عن العلية ، وبهذا يظهر بطلان عدم توقفها في اقتضائها المتضادين على شرط.