جوزنا وجوب العلم بالقبح عند العلم بها ، ومع التجويز لا تتم المقدّمة.
سلّمنا عدم لزوم علم القبح من العلم بسائر الصفات فلم قلت : إنّه يدلّ على أنّ سائر الصفات ليست مؤثرة في القبح؟
وهاتان المقدّمتان أحدهما من الفلاسفة : فإنّ العلم بالعلّة علّة علم المعلول ، وكلّ ما هو علّة للقبيح يلزم من العلم به العلم بالقبح.
وزعموا : أنّ اليقين بوجود المعلول إنّما يحصل من العلم بعلّته ، فلمّا لزم علم القبح عند علم كونه أمرا بالتكليف [بالمحال] ، علمنا أنّ علّة القبح ذلك. وهاتان المقدّمتان قد بيّنا ضعفهما في كتاب «النهاية».
المطلب الثاني : في القياس هل يجري في اللغة أم لا؟
قد سبق البحث في ذلك في أوّل الكتاب ، ولمّا تعلّقت هذه المسألة بالقياس وأهملنا بعض الحجج من الجانبين أثبتناها هنا أيضا.
قال ابن جني في «الخصائص» : إنّه قول أكثر علماء العربية ، كالمازني وأبي علي الفارسي.
وهو قول ابن سريج ، وأنكره أكثر الشافعية وجمهور الحنفية. (١)
احتجّ الأوّلون بوجوه (٢) :
الأوّل : عصير العنب لا يسمّى خمرا قبل الشدة ، فإذا حصلت سمّي
__________________
(١) نقله عنهم الرازي في المحصول : ٢ / ٤١٨.
(٢) وهي مذهب الرازي في المحصول : ٢ / ٤١٨ ـ ٤١٩.