فمعارضة الحكم إنّما تلزم لو ثبت أنّ الأصل عدم بقاء الشيء على ما كان ، ولمّا بطل ذلك بطلت المعارضة.
البحث السادس : في تقرير أدلّة يمكن التمسّك بها في الأحكام الشرعية
الحكم المطلوب إثباته إن كان عدميا أمكن أن يذكر فيه عبارات (١) :
الأولى : هذا حكم قد كان معدوما أزلا ، وهو يقتضي ظن بقائه على العدم ، والعمل بالظن واجب. أمّا عدمه فلأنّ المحكوم عليه كان معدوما في الأزل لحدوثه ، فلا يكون الحكم المتعلّق به أزليا ، لأنّ ثبوت حكم من غير ثبوت محكوم عليه سفه ، وهو غير جائز عليه تعالى. وهذا لا يتمشّى على رأي الاشاعرة ، لأنّ كلامه قديم والحكم حادث قبل المراد من الحكم كون الشخص مقولا له : إن لم تفعل هذا الفعل عاقبتك. ومعلوم بالضرورة حدوث هذا المعنى.
وفيه نظر ، لأنّ حدوث هذا الحكم لا ينافي قدم الحكم الّذي يدعونه وهو ينقض المقدّمة ، وأمّا حصول ظن البقاء فلما تقدّم في الاستصحاب.
الثانية : لو ثبت الحكم لثبت بدلالة أو أمارة. والأوّل باطل ، للإجماع على انتفاء الدلالة القاطعة في هذه المسائل الشرعية. والثاني باطل ، للنهي عن اتّباع الظن لقوله تعالى : (إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً)(٢) ، وعن
__________________
(١) المحصول : ٢ / ٥٨٩ ـ ٥٩٢.
(٢) يونس : ٣٦.