يمكن أخذه في التعليل (لتحرز به) (١) عن النقض ، وإنّما يخرج عن التعليل لو عرى عن الفائدة.
لأنّا نقول : فائدة الاحتراز به تتوقف على كونه جزء العلّة ، حتى لو لم يكن جزء كانت العلّة ما عداه ، فالنقض حينئذ يكون واردا عليها ، وكونه من أجزاء العلّة يتوقّف على إمكان الاحتراز به عن النقض ، وهو دور.
البحث الثاني : عدم التأثير
قيل (٢) : إنّه عبارة عن بقاء الحكم بدون ما فرض علّة. وهو قادح في العلّيّة ؛ لأنّ الحكم لما بقي بعد عدمه وكان موجودا قبل وجوده ، علمنا استغناءه عنه ، والمستغني عن الشيء لا يكون معلّلا به.
وهو حقّ إن فسّرنا العلّة بالمؤثر لا المعرّف ، لجواز تعريف السابق بالحادث كالعالم مع الباري تعالى.
وقيل : عدم التأثير أبدأ (٣) في الدليل لا تأثير له البتة ، بل يكون وصفا طرديا كالطول والقصر والسواد والبياض ، أو يكون وصفا ثبت اعتباره بالإحالة أو الشبه لكن قد استغنى في إثبات الحكم بما عداه ، كما يقال في بيع الغائب مبيع غير مرئي ، فلا يصح بيعه كالطير في الهواء والسمك في الماء ، فإنّ عدم الرؤية وإن اشتمل على نوع إحالة لكن قد اكتفي
__________________
(١) في الإحكام : لفائدة الاحتراز.
(٢) القائل هو الرازي في المحصول : ٢ / ٣٧٥.
(٣) في «أ» و «د» بزيادة «أجزى».