البحث الثاني عشر : في التعليل بالأمارة
اختلفوا في جواز كون العلّة في الأصل بمعنى الأمارة المجرّدة ، فأثبته قوم ومنعه آخرون.
وشرطوا (١) في العلّة أن تكون في الأصل بمعنى الباعث ، أي تكون مشتملة على حكمة صالحة تصلح أن تكون مقصودة للشارع في شرعية الحكم ؛ إذ لو كانت وصفا طرديا لا حكمة فيه بل مجرد أمارة على التعليل ، لزم الدور ؛ لأنّ علّة الأصل مستنبطة من حكمه ومتفرّعة عنه ، فلو كانت معرفة لحكم الأصل لكان متوقّفا عليها ومتفرّعا عنها ، وهو دور.
وأيضا لا فائدة في الأمارة سوى تعريف الحكم ، والحكم في الأصل معلوم بالنصّ لا بالعلّة المستنبطة منه.
وفيه نظر ، فإنّ العلل عند الأشاعرة كلّها أمارات ولا يجوز إثبات الفرضية في شيء منها.
تذنيب
إذا كانت العلّة بمعنى الباعث ، فشرطها أن يكون ضابط الحكمة المقصودة للشرع من إثبات الحكم أو نفيه ، بحيث لا يثبت الحكم مع علم انتفاء الحكم في صور ما ، وإلّا كان فيه إثبات الحكم مع انتفاء الحكم المطلوبة منه قطعا ، وهو ممتنع ، كما لو قيل حكمة القصاص إنّما هي صيانة
__________________
(١) وهو قول الآمدي في الإحكام : ٣ / ٢٢٤ ، المسألة الثانية.