وأمّا المناسب الملائم الّذي لا يشهد له أصل معين بالاعتبار ، بل اعتبر جنسه في جنسه لكن لم يوجد له أصل يدلّ على اعتبار نوعه في نوعه ، فهو المصالح المرسلة.
وأمّا المناسب الّذي شهد له أصل معيّن لكنّه غير ملائم ، أي شهد نوعه لنوعه لكن لم يشهد جنسه لجنسه كمعنى الإسكار ، فإنّه يناسب تحريم تناول المسكر صيانة للعقل ، وقد شهد لهذا المعنى الخمر بالاعتبار لكن لم يشهد له سائر الأصول ، وهذا هو المسمّى بالمناسب الغريب ، وقد تقدّم.
المطلب الثالث : في أنّ المناسبة هل تبطل بالمعارضة؟ (١)
الأكثر على أنّ المناسبة لا تبطل بالمعارضة ، لأنّ كون الوصف مناسبا إنّما هو لاشتماله على جلب منفعة أو دفع مفسدة ، وذلك لا يبطل بالمعارضة لوجوه :
الأوّل : المناسبتان المعارضتان إن تساويا لم يكن إبطال إحداهما بالأخرى أولى من العكس ، فإمّا أن تبطل كلّ واحدة منهما بالأخرى وهو محال ، لأنّ المقتضي لعدم كلّ منهما وجود الأخرى ، والعلّة حاصلة مع المعلول فيوجدان معا حال عدمهما. وإمّا أن لا تبطل إحداهما بالأخرى حالة التعارض وهو المطلوب. وإن كانت إحداهما أقوى لم يلزم التفاسد
__________________
(١) ذكره الآمدي في الإحكام : ٣ / ٣٠٣ ـ ٣٠٨ ، الفصل الخامس.