ورواه ، لأنّه من العلوم النافعة ، والظاهر من حال الصحابة نشر العلم وأقوال الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فلم يبق إلّا أن يكون عن رأي واجتهاد. وحينئذ لا يبقى حجّة على غيره من المجتهدين بعده ، لجواز أن يكون دون غيره في الاجتهاد والصحبة ، وإن كانت مميزة لكن رتبة الاجتهاد أعلى ، ولهذا قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «فربّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه». (١)
البحث الثاني : في تقليد الصحابي
الحق أنّه لا يجوز للعالم تقليد الصحابي في الفروع وهو أحد أقوال الشافعي ، لأنّ المانع من تقليد العالم لغيره آت في حقّ الصحابي وغيره من غير فرق وسيأتي.
لا يقال : كيف لا يقع الفرق بين الصحابة وغيرهم وقد أثنى الله تعالى ورسوله عليهم حيث قال : (لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ)(٢) ، وقال : (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ)(٣) ، وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «خير القرون قرني».
لأنّا نقول : الثناء يوجب حسن الاعتقاد فيهم وأن يظن بهم خيرا ، ولا يوجب تقليدهم ، لورود الثناء في حق آحاد الصحابة مع إجماع الصحابة على جواز مخالفتهم.
__________________
(١) الكافي : ١ / ٤٠٣ ضمن ح ١ و ٢ ؛ الخصال : ١٤٩ ؛ أمالي الصدوق : ٤٣٢ ؛ بحار الأنوار : ٢ / ١٤٨ و ١٦١ و ١٦٤ وج ٢١ / ١٣٨ ح ٣٣ وج ٢٧ / ٦٨ ؛ مسند أحمد : ٤ / ٨٠ و ٨٢ وج ٥ / ١٨٣ ؛ سنن الدارمي : ١ / ٧٤ و ٧٥ ؛ سنن ابن ماجة : ١ / ٨٤ و ٨٦ ؛ سنن أبي داود : ٢ / ١٧٩.
(٢) الفتح : ١٨.
(٣) التوبة : ١٠٠.