١١. التشابه غير التماثل
من الأمور الّتي يجب أن يركّز عليها هو الفرق بين تشابه الأمرين وتماثلهما. فالتماثل عبارة عن دخول شيئين تحت نوع واحد وطبيعة واحدة ، فالتجربة في عدة من مصاديق طبيعية واحدة يفيد العلم بأنّ النتيجة لطبيعة الشيء لا لأفراد خاصة ، ولذلك يقولون : إنّ التجربة تفيد العلم ، وذلك بالبيان التالي :
مثلا : إذا أجرينا تجربة على جزئيات من طبيعة واحدة ، كالحديد ، تحت ظروف معينة من الضغط الجوي ، والجاذبية ، والارتفاع عن سطح البحر ، وغيرها مع اتّحادها جميعا في التركيب ، فوجدنا أنّها تتمدد مقدارا معينا ، ولنسمّه (س) ، عند درجة خاصة من الحرارة ولنسمّها (ح). ثمّ كررنا هذه التجربة على هذه الجزئيات ، في مراحل مختلفة ، في أمكنة متعددة ، وتحت ظروف متغايرة ، ووجدنا النتيجة صادقة تماما : تمدد بمقدار (س) عند درجة (ح). فهنا نستكشف أنّ التمدد بهذا المقدار المعين ، معلول لتلك الدرجة الخاصة ، فقط ، دون غيرها من العوامل ، وإلّا لزم أن تكون ظاهرة التمدد بمقدار (س) معلولة بلا علّة ، وحادثة بلا جهة ، لصدق النتيجة في جميع الظروف ، والأمكنة ، وهو أمر محال ، لأنّ المفروض وحدة الأفراد في جميع الخصوصيات ، إلّا الزمان ، والمفروض عدم تأثيره في الحكم. وعلى هذا يحكم العقل بأنّ الحديد ، بجميع جزئياته وتراكيبه ، يتمدد بمقدار (س) عند درجة (ح).