وأمّا التشابه فهو عبارة عن وقوع فردين مختلفي الطبيعة تحت صفة واحدة توجب التشابه بينهما ، وهذا كالخمر والفقاع فإنّهما نوعان وبينهما تشابه وهو الإسكار.
وأوضح من ذلك مسألة الاستقراء ، فإنّ ما نشاهده من الحيوانات البرية والبحرية ، أنواع مختلفة. فلو رأينا هذا الحيوان البري وذلك الحيوان البحري كلّ يحرك فكّه الأسفل عند المضغ نحكم بذلك على سائر الحيوانات من دون أن تكون بينها وحدة نوعية أو تماثل في الحقيقة ، والدافع إلى ذلك التعدّي في الحكم هو التشابه والاشتراك الموجود بين أنواع الجنس الواحد رغم اختلافها في الفصول والأشكال ، ومن هنا لا يمكن الجزم بالحكم والنتيجة على وجهها الكلي لإمكان اختلاف أفراد نوعين مختلفين في الحكم.
وبذلك يعلم أنّ القياس عبارة عن إسراء حكم مشابه إلى مشابه لا حكم مماثل إلى مماثل ، ومن المعلوم أنّ إسراء الحكم من طبيعة إلى طبيعة أمر مشكل لا يصار إليه إلّا إذا كان هناك مساعدة من جانب العرف لإلغاء الخصوصية ، وإلّا يكون الإسراء فعلا بلا دليل ، مثلا دلّ الكتاب العزيز على أنّ السارق والسارقة تقطع أيديهما ، والحكم على عنوان السارق ، فهل يلحق به النبّاش الّذي ينبش القبر لأخذ الأكفان؟
إنّ التسوية بين العنوانين أمر مشكل ، يقول السرخسي :
لا يجوز استعمال القياس في إلحاق النبّاش بالسارق في حكم