البحث الثاني : في القياس المركّب (١)
ونعني به أن يكون حكم الأصل متّفقا عليه بين المناظرين ويكون مختلفا فيه بين الأمّة ولا يكون حكم الأصل منصوصا عليه ولا مجمعا عليه.
أمّا مركب الأصل أو الوصف فالأوّل ما اتّفق فيه الخصمان على حكم الأصل واختلفا في العلّة ؛ كقول الشافعي في مسألة قتل الحر بالعبد : عبد فلا يقتل به الحر كالمكاتب ، فإنّ الأصل وهو المكاتب غير منصوص عليه ولا مجمعا عليه بين الأمّة ، لوقوع الخلاف في وجوب القصاص على قاتله ، وإنّما هو متّفق عليه بين الشافعي وأبي حنيفة.
فللحنفي أن يقول : العلّة في المكاتب المتّفق عليه جهالة المستحقّ للقصاص من السيد أو الورثة لا العبودية. فإن سلمت العلّة بطل إلحاق العبدية ، وإن بطلت منعت الحكم في الأصل ، لأنّ الحكم فيه إنّما ثبت بناء على هذه العلّة. وقلت بوجوب القصاص في المكاتب فيمتنع القياس لعدم انفكاكه عن عدم العلّة في الفرع أو منع الحكم في الأصل ولا محذور في نفي الحكم لانتفاء مدركه ، إذ لم يلزم منه مخالفة نص ولا إجماع.
وسمّي هذا النوع قياسا مركبا لاختلاف الخصمين في علّة الأصل.
واعترض (٢) : بأنّه لو كان علّة التسمية ذلك اطّرد (٣) في كلّ قياس
__________________
(١) راجع الإحكام : ٣ / ٢١٨ ـ ٢٢١ ، الشرط السادس.
(٢) المعترض هو الآمدي في الإحكام : ٣ / ٢١٩.
(٣) في «أ» و «ج» : لطرد ، وفي «ب» : اطراد.