بِسُلْطانٍ مُبِينٍ)(١) وقد اشتغل الرسل بالبرهان المغيّر للاستصحاب.
والجواب : أنّهم لم يستصحبوا الإجماع ، بل النّفي الأصلي الّذي دلّ العقل عليه ، إذ الأصل في فطرة الآدمي أن لا يكون بيّنا وإنّما يعرف ذلك بآيات وعلامات ، فهم مصيبون في طلب البرهان ومخطئون في المقام على دين آبائهم بمجرّد الجهل من غير برهان. (٢)
البحث الثالث : في أنّ النافي هل عليه دليل أم لا؟
اختلف الناس في ذلك فذهب قوم إلى أنّه لا دليل عليه.
وقال آخرون : لا بدّ له من دليل. وهو قول السيّد المرتضى (٣) وأبي الحسين البصري والغزالي ، (٤) وهو الحقّ.
وفصّل آخرون بين العقليات والشرعيات ، فأوجبوا الدليل في العقليات دون الشرعيات.
لنا : انّ النافي مدّع كالمثبت ، فإن كان ما ادّعاه نفي علمه أو نفي ظنه لم يطالب بدليل ، لأنّه جاهل ، والجاهل لا يطالب بالدليل على جهله ولا يلزمه ذلك ، كما لا يطالب على دعواه عدم الألم والجوع. وإن كان العلم بنفي أمر فإن كان ضروريا لم يطالب ببرهان ، لأنّه إن كان صادقا في دعوى الضرورة
__________________
(١) إبراهيم : ١٠.
(٢) المستصفى : ١ / ٣٨١ ـ ٣٨٣.
(٣) الذريعة إلى أصول الشريعة : ٢ / ٨٢٧.
(٤) المستصفى : ١ / ٣٨٤.