البحث الخامس : في العلّة القاصرة
اختلف الناس في جواز التعليل بالعلّة القاصرة ، وهي الوصف المختص بالأصل بعد اتّفاقهم على جوازه إن كانت منصوصة أو مجمعا عليها ، وعلى اشتراط التعليل بالمتعدّية في صحّة القياس ، كتعليل الشافعي تحريم الربا في النقدين بجوهر الثمنية.
فذهب أكثر المتكلّمين والشافعي وأحمد بن حنبل والقاضي أبو بكر والقاضي عبد الجبار وأبو الحسين البصري وأكثر الفقهاء إلى الجواز.
وذهب أبو حنيفة وأصحابه وأبو عبد الله البصري وأبو الحسن الكرخي إلى المنع.
والوجه الأوّل لوجوه (١) :
الأوّل (٢) : صحّة تعدية العلّة إلى الفرع موقوفة على صحّتها في نفسها ، فلو توقّف (٣) صحّتها في نفسها على صحّة التعدية إلى الفرع ، دار. وإذا لم تتوقّف صحّة العلّة في نفسها وإن لم تكن متعدية.
وفيه نظر ، فإنّ التعدية والتعليل وصفان عارضان للماهية ، فجاز أن يكون صحّة الثانية موقوفة على ثبوت الأولى ، ولا دور.
واعترض (٤) بجواز أن يقال : صحّتها في نفسها لا تتوقّف على صحّة
__________________
(١) ذكرها الآمدي في الإحكام : ٣ / ٢٣٩ ـ ٢٤٠.
(٢) هذا الوجه يمثّل قول الرازي في المحصول : ٢ / ٤٠٣.
(٣) في المحصول : ٢ / ٤٠٣ : توقفت.
(٤) ذكر الاعتراض وأجاب عنه الرازي في المحصول : ٢ / ٤٠٣ ـ ٤٠٤.