أمّا أوّلا : فلأنّ المفهوم من كونه قابلا مغاير للمفهوم من كونه فاعلا ، لصحّة تعقّل أحدهما دون الآخر ؛ فإن كانا داخلين لزم التركيب في ذلك المحلّ ، وكان الجزء الّذي هو موصوف بالقابلية غير الجزء الّذي هو موصوف بالفاعلية ، فلا يكون القابل هو الفاعل.
وإن كانا خارجين عاد البحث في أنّ المفهوم من كون تلك الماهية علّة لأحد اللّاحقين غير المفهوم من كونه علة للّاحق الآخر ، ويكون الكلام فيهما كالكلام في الأوّل ويتسلسل.
وإن كان أحدهما داخلا والآخر خارجا ، لزم تركيب الماهية ، فإنّ كلّ ما له جزء فهو مركب ، ويلزم إمّا كون الفاعلية جزءا أو القابلية ؛ وكلاهما محال ، لأنّهما نسبتان بين الماهية وغيرها ، والنسبة خارجة عن المنتسبين ، والخارج لا يكون داخلا ، فلا يمكن دخول شيء منهما في الماهية.
وأمّا ثانيا : فلأنّ نسبة القابل إلى المقبول نسبة الإمكان ، ونسبة الأثر إلى المؤثر نسبة الوجوب ؛ فلو كان الشيء الواحد موصوفا بهما بالنسبة إلى شيء واحد ، لزم اتصاف تلك النسبة الواحدة بالوجوب والإمكان معا ، وهو محال.
لأنّا نقول : القابلية والفاعلية من الصفات الاعتبارية لا تحقّق لهما في الخارج ، فلا يصحّ القسمة بأنّهما إمّا داخلان أو خارجان أو بالتفريق ، ولا امتناع في اتّصاف الماهية بالنسبة بالوجوب والإمكان باعتبارين.