وعن الثالث. لا نسلم أنّ المناسبة شرط العلّية.
سلّمنا لكن يجوز أن يشترك الحكمان في جهة واحدة ، ثمّ إنّ العلّة تناسبهما بحسب ذلك الوجه الواحد.
وأيضا فيه نظر ، فإنّا لا نعني بالمناسبة المساواة في الماهية ، بل إضافة الفعل الصالح لحصول المطلوب إلى حصول المطلوب.
وقد فرض الغزالي (١) الكلام في صورة واحدة تسقط عنها كثير من الأسئلة ، وهي ما إذا جمعت بين لبن زوجة أخيك وأختك وجعلته في حلق المرتضع دفعة واحدة فإنّها تحرم عليك ، لأنّك خالها وعمها ، ولا يتوجه في هذه أكثر الأسئلة.
المطلب الثاني : في أنّ المستنبطة هل يجوز تعدّدها؟
اختلف الناس في ذلك فجوّزه قوم ، ومنع منه آخرون وهو المعتمد (٢) لوجوه :
الأوّل : من أعطى فقيها فقيرا قريبا احتمل أن يكون الداعي الفقه خاصة ، أو الفقر خاصّة ، أو القرابة خاصّة ، أو مجموعها ، أو اثنين منها ، وهذه الاحتمالات الخمسة متنافية ، لأنّ جعل الداعي الفقر لا غير ينافي كون غيره داعيا ، أو جزءا منه. وإذا تنافت الاحتمالات ، فإن
__________________
(١) وهو قول الغزّالي في المستصفى : ٢ / ٣٦٥.
(٢) وهو مختار الرازي في المحصول : ٢ / ٣٨٤.