وفيه نظر ، فإنّه لا يلزم من كون المطلق وجوديا كون أنواعه كذلك ، لجواز أن تكون المخصّصات عدمية.
البحث التاسع : في تعليل الحكم الشرعي بمثله
اختلف الناس في جواز تعليل الحكم الشرعي بحكم آخر شرعي فجوّزه الأكثر ، ونفاه الأقل.
احتجّ الأوّلون بأنّ الدّوران يفيد ظن العلّيّة ، فإذا حصل في الحكم الشرعي حصل ظن العلّيّة ، ولأنّا نعلّل تحريم البيع بالنجاسة.
واحتجّ الآخرون بوجوه (١) :
الأوّل : ما جعل علّة يحتمل أن يكون متقدّما على ما جعل معلولا ، فلا يصلح للعلّيّة حينئذ ، وإلّا لزم تخلّف الحكم عن العلّة وهو نقض للعلّة ، والأصل عدمه.
وأن يكون متأخّرا فلا يصلح للعلّيّة أيضا ، لأنّ المتأخّر لا يكون علّة للمتقدّم.
وأن يكون مقارنا فليس جعله علّة أولى من العكس ، ولأنّه حينئذ يحتمل أن يكون هو العلّة وأن يكون غيره. فهو على ثلاثة تقادير ليس علّة وعلى تقدير واحد يكون علّة ، والعبرة في الشرع إنّما هو بالغالب ، فعدم
__________________
(١) ذكرها الرازي في المحصول : ٢ / ٣٩٧.