الثاني : العلّة مستنبطة من حكم الأصل ومتفرّعة عليه وتابعة له في الوجود ، فلو ثبت الحكم بها دار.
الثالث : قد ثبت الحكم تعبّدا من غير علّة ، فلو كان ثابتا بالعلّة لم يثبت مع عدمها.
والخلاف هنا لفظي ، لأنّ الشافعية عنوا بالعلّة الباعث للشارع على الحكم في الأصل لا أنّها معرفة لنا إثباته فيه ، بل انّها أمر مناسب يغلب على الظن أنّ الشرع أثبت الحكم لأجله. والحنفية وافقوا عليه وإذا قالوا : «العلّة غير مثبتة للحكم» لم يريدوا نفي أنّها باعثة ، بل أنّها غير معرفة للحكم في الأصل بالنسبة إلينا ، والشافعية يسلّمونه (١).
البحث السابع : في التعليل بالحكم هل هو جائز أم لا؟
اعلم أنّ الوصف الحقيقي إذا كان ظاهرا منضبطا جاز التعليل به بالنصّ عندنا ومطلقا عند القائلين بالقياس ؛ وأمّا الّذي لا يكون كذلك ، كالحاجة إلى تحصيل المصلحة ودفع المفسدة وهي الّتي يسمّيها الفقهاء بالحكمة فقد اختلفوا ، فالأكثر على منعه ، وجوّزه الأقل ، وفصّل آخرون بين الحكمة الظاهرة المنضبطة بنصها والحكمة المضطربة الخفية فجوّز التعليل بالأولى دون الثانية.
__________________
(١) جاء في نسخة «أ» : وإلى هنا آخر الجزء الثالث من النسخة الّتي هي بخط المصنّف ـ أدام الله ظلاله ـ.