يصحّ ادّعاء الإجماع على صحّة القياس وأنّه لم يخالفه أحد؟! هذا إذا لم نقل إنّ الإجماع قام على نفي القياس.
وهذا يدلّ على أنّ هذا العنصر قد دخل حيّز التشريع الإسلامي بموافقة بعض ومخالفة البعض الآخر له ، وانّ ادّعاء الإجماع في مثل هذه المسألة أمر لا يليق بمن تتبّع كلمات الفقهاء في هذا الصدد ، وقد نقل ابن قيم الجوزيّة كلمات الموافقين كما نقل كلمات المخالفين للقياس ، وإن كان في كثير من المباحث عيالا على كتاب «الإحكام» لابن حزم الأندلسيّ.
الآن حصحص الحقّ
لقد أثبتت البحوث السابقة حول ما أقيم من الأدلّة على حجّية القياس انّه ليس هناك دليل صالح قاطع للنزاع ، مفيد للعلم بأنّ الشارع جعل القياس حجّة فيما لا نصّ فيه ، وهناك نكتة جديرة بالتأمّل ، وهي انّه إذا كان للقياس في الشريعة المقدّسة هذه المنزلة في التشريع الإسلامي ، فلما ذا لم يقع في إطار البيان الصريح من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كما وقع قول الثقة أو حجّية البيّنة في إطاره؟
وقد عرفت أنّ ما استدلّوا من كلام الشارع في ذلك المجال كلّها انتزاعات شخصية فرضت عليه ، وانّ عقيدة المستدلّ جرّته إلى أن يبحث عن الدليل حول عقيدته ، فلذلك جمع أشياء من هنا وهناك ليثبت بها مدّعاه ، والجميع بريء ممّا يرتئيه.
* * *