تعديتها ، بل على صحّة وجودها في غير الأصل ، فلا دور.
أجيب بأنّ الحاصل في محل آخر لا يكون هو بعينه ، لاستحالة حلول الشيء في محلّين ، بل مثله ، فكلّ ما يحصل له من الصفات عند حلول مثله في محلّ آخر يكون ممكن الحصول له عند عدم حلول مثله في محلّ آخر ، لأنّ حكم الشيء حكم مثله ، وإذا أمكن حصول تلك الأمور فبتقدير تحقّق ذلك ، وجب أن تكون علّة ، لأنّ تلك العلّيّة ما حصلت إلّا بسبب تلك الأمور.
واعترض (١) أيضا بأنّ المراد بالتعدية الموقوفة على صحّة العلّة إن كان ثبوت الحكم بها في الفرع ، فهو مسلم ؛ وإن أردتم بالتعدية وجودها في الفرع لا غير ، فهو ممنوع.
فنقول : التعدية بالاعتبار الأوّل ليست شرطا في صحة العلّة ، فلا دور ؛ وإنّما نقول بأنّ شرط صحّة العلّة التعدية بالاعتبار الثاني ، وهو غير مستلزم للدّور ، فإنّ صحّة التعدية وإن كانت مشروطة بوجودها في غير محلّ النص ، فوجودها فيه غير متوقّف على صحّتها في نفسها ، فلا دور.
سلّمنا توقّف التعدية على الصحّة وتوقّف الصحّة على التعدية ، فإنّما يلزم الدور لو كان ذلك التوقّف توقّف المشروط أو المعلول ، أمّا إذا كان توقّف المعية كالمضافين ، فلا.
الثاني : دار الحكم مع الوصف القاصر وجودا وعدما فكان علّة
__________________
(١) ذكر الاعتراض وأجاب عنه الآمدي في الإحكام : ٣ / ٢٣٩.