النفس المعصومة عن الفوات ، فمن ضبط صيانة النفس عن الفوات بالجرح خاصة لزمه شرع القصاص في جارح الميت ضرورة وجود الضابط مع تيقّن انتفاء الحكمة أو نفي الحكم مع وجود علّته ، وهو محال.
لا يقال (١) : وإن لزم من ذلك إثبات الحكم في صورة بدون حكمة ذلك الضابط في الأصل المذكور ، فإنّما يمتنع الضبط به إن لو لم يكن له سوى حكمة واحدة. أمّا إذا جاز أن يكون الوصف الواحد ضابطا في كلّ صورة لحكمة ، فانتفاء حكمة إحدى الصورتين عن الأخرى لا يوجب أن يكون ثبوت الحكم في الصورة الّتي انتفت عنها تلك الحكمة عريا عن الفائدة ، بل يكون ثبوته بالحكمة الخاصة بتلك الصورة ، فالضابط لها ولحكمة الحكم في الصورة الأخرى شيء واحد.
لأنّا نقول : إذا اتّحد الضابط فاختصاصه في كلّ صورة بحكمة مخالفة للحكمة المختصّة به في الصورة الأخرى ، أمّا أن يكون ذلك لذاته والمخصص يخصص بتلك الصورة دون الأخرى.
والأوّل باطل ، وإلّا لزم الاشتراك بين الصورتين في الحكمتين ضرورة اتّحاد المستلزم لها.
وإن كان الثاني فما به التخصيص في كلّ واحدة من الصورتين ، ولا وجود له في الأخرى يكون من جملة الضابط ، فالضابط للحكمتين يكون مختلفا وإن كان مركبا من الوصف المشترك وما به تخصّصت كلّ صورة.
__________________
(١) ذكر الآمدي الإشكال والجواب عنه في الإحكام : ٣ / ٢٦٢ ـ ٢٦٣.