الثاني : الدليل ينفي القول بالعلّة المظنونة ، لأنّه اتّباع الظن المنهي عنه ترك العمل به في التعدية لفائدة التوسّل بها إلى معرفة الحكم في غير محلّ النص ، وهي منفية في القاصرة فتبقى على الأصل.
الثالث : العلّة الشرعية أمارة ، فلا بد وأن تكون كاشفة عن شيء ، والقاصرة لا تكشف عن شيء من الأحكام فلا تكون أمارة ، فلا تكون علّة.
الجواب : والجواب عن الأوّل. نمنع حصر الفائدة في تعريف الحكم وهنا فوائد أخرى : (١)
الأولى : معرفة مطابقة الحكم الشرعي لوجه الحكمة والمصلحة ، وهو أمر معتبر ، لأنّ النفوس أقبل للأحكام المطابقة للحكم والمصالح ، وأدعى إلى الانقياد بخلاف الحكم المحض والتعبّد الصرف. فيكون أفضى إلى تحصيل مقصود الشرع من شرع الحكم فكان مفيدا.
الثانية : لا فائدة أكثر من العلم بالشيء ، فإنّا إذا علمنا الحكم ثمّ اطلعنا على علّته ، علمنا أو ظننّا ما كنّا غافلين عنه جاهلين به ، وهو أمر مطلوب للعقلاء وفائدة كلية.
الثالثة : إذا كانت العلّة قاصرة ، فبتقدير ظهور وصف آخر متعد في محلها يمتنع (تعدية) (٢) الحكم به دون ترجيحه على العلّة القاصرة ، وهو فائدة جليلة.
__________________
(١) راجع المحصول : ٢ / ٤٠٥ ؛ الإحكام : ٣ / ٢٤٠.
(٢) الإحكام : ٣ / ٢٤٠.