ولو ذكر المعترض احتمالين لا دلالة للفظ المستدل عليهما وأورد الاعتراض عليهما ، كما لو قال المستدلّ في مسألة الملتجئ : وجد سبب استيفاء القصاص ، فيجب استيفاؤه. ويبيّن وجود السبب بالقتل العمد العدوان ، فيقول المعترض : متى يمكن القول بالاستيفاء مع وجود المانع وهو الالتجاء إلى الحرم ، أو مع عدمه؟ الأوّل ممنوع ، والثاني مسلّم ؛ لكن لم قلت : إنّه لم يوجد ، وبيان وجوده أنّ الحرم مانع ، وبينه بطريقة لم يخل إمّا أن يورد ذلك بناء على تردّد اللفظ المستدلّ بين الاحتمالين المذكورين ، أو على دعواه التلازم بين الحكم ودليله.
والأوّل باطل ، لعدم تردّد لفظ السبب بين ما ذكر من الاحتمالين.
وإن كان الثاني فإن اقتصر على المطالبة ببيان انتفاء المانع فهو غير مقبول ، لما تقرر في من حط مئونة ذلك عن المناظر في الموانع والمعارضات المختلف فيها ، وإن أضاف إلى ذلك الدلالة على وجود المعارض ، رجع حاصل السؤال إلى المعارضة ، ولا حاجة إلى التقسيم.
واعلم أنّ بعضهم منع من اتّجاه هذا السؤال ، لأنّ الاحتمالات إن تساوت كفى سؤال الاستفسار عنه ، وإن كان اللفظ في البعض أظهر منه في الآخر فلا وجه للتقسيم ، لما فيه من ترك ظاهر كلام المستدلّ ، بل الواجب أن يمنع ما هو الظاهر من كلامه إن كان ممنوعا ، وإلّا فلا. وإن أبدى المعترض في تقسيم ما لا مدخل له تحت كلام المستدلّ وبنى كلامه عليه ، كان ذلك عدولا عن كلام المستدلّ إلى غيره ، ولا وجه لإيراده في التقسيم ،