الماء ، وانما المراد القدرة على استعمال الماء عقلا وشرعا على ما يستفاد من ذكر المريض والمسافر في آية التيمم ، فإنّ المريض غالبا متمكن من أصل الماء ولا يكون متمكنا من استعماله ، والمسافر بعكس ذلك ، وعليه فإطلاق الأمر بحفظ النّفس المحترمة يكون معجزا شرعيا له عن استعمال الماء ، فينتقل إلى التيمم ، وقد ذكرنا في محله انّ المستفاد من بعض الاخبار كقوله عليهالسلام «رب الماء هو رب الأرض» (١) ، «التراب أحد الطهورين» (٢) وغير ذلك هو كون الصلاة مع الطهارة الترابية مشتملة على تمام مصلحة الصلاة مع الطهارة المائية في ظرف العجز ، فالمكلف عند التزاحم لو صرف الماء في حفظ النّفس يتمكن من استيفاء مصلحة الصلاة مع الطهارة أيضا ، وهذا بخلاف العكس فإنّه لو صرف الماء في الوضوء يموت ذلك الشخص ويفوته الملاك الملزم الثابت مطلقا كما هو واضح ، فيتعين تقديم ما ليس له البدل بحكم العقل.
ثم انهم ذكروا في العروة (٣) وحواشيها من فروع هذه المسألة ما إذا دار الأمر بين استعمال الماء المنحصر في الطهارة الخبثية عن الثوب أو البدن وبين استعماله في الطهارة الحدثية ، فذكروا تقديم الأول واستعمال الماء في رفع الخبث ثم الإتيان بالتيمم لرفع الحدث ، فإنّه حينئذ تكون الصلاة مشتملة على كلا الشرطين ، أي في الثوب الطاهر ومع الطهارة عن الحدث ، وهذا بخلاف العكس.
هذا ولنا كلام في المقام ، وحاصله : انّ التزاحم لا يتحقق في الواجبات الضمنية ، إذ ليس لها وجود مستقل ، فلا معنى لوقوع التزاحم بين الأمر بالقيد أو بالجزء وشيء آخر ، إذ لا يتعلق بالجزء أو بالقيد امر مستقل ، وانما الأمر المتعلق به من شئون الأمر بالمركب أو المقيد ، فطرف التزاحم دائما هو الأمر بالمركب ،
__________________
(١) وسائل الشيعة ـ باب ٣ من أبواب التيمم.
(٢) المصدر السابق ـ باب ٧ من أبواب التيمم.
(٣) العروة الوثقى ـ المجلد الأول ـ ٣٣٩ طبعة مدينة العلم.