فوجوب الصلاة مع الطهارة المائية يزاحم وجوب حفظ النّفس المحترمة ، والصلاة في الثوب الطاهر تزاحم الصلاة مع الطهارة المائية وهكذا. والقدرة المأخوذة في الوضوء حقيقة معتبرة في الصلاة مع الطهارة المائية ، وبدلها هو الصلاة مع الطهارة الترابية ، وهكذا.
وعليه نقول : كما انّ القدرة مأخوذة شرعا في وجوب الصلاة مع الطهارة المائية كذلك القدرة مأخوذة شرعا في الصلاة في الثوب الطاهر ، وكما جعلت الصلاة مع التيمم بدلا عن الصلاة مع الطهارة المائية عند العجز كذلك جعلت صلاة العاري بدلا عن الصلاة في الثوب الطاهر ، لما ورد ما مضمونه «ان قدرت ان تصلي في الطاهر فصلّ فيه ، وان لم تقدر فصلّ عاريا» فالصلاة عاريا تكون بدلا عن الصلاة في الثوب الطاهر ، فاذن يكون لكل منهما بدل طولي ، فلا بدّ في تزاحمهما من الحكم بالتخيير ، ولا وجه لترجيح الطهارة الخبثية.
وحاصل ما تقدم ببيان آخر : هو انّ الميرزا قدسسره (١) ذكر في أول مرجحات باب التزاحم ان يكون أحد الواجبين المتزاحمين ذا بدل دون الآخر ، فيتقدم ما ليس له البدل على ما له البدل. ثم ذكر بعد ذلك انه تارة تكون القدرة في كلا المتزاحمين معتبرة عقلا ، وأخرى تكون معتبرة فيهما شرعا ، وثالثة تكون في أحدهما شرعية وفي الآخر عقلية ، فهذه أقسام ثلاثة. فان كان المتزاحمان من قبيل الأولين فلا يرجح أحدهما على الآخر ، وان كان من قبيل الثالث فيتقدم ما يكون اعتبار القدرة فيه بحكم العقل على ما يكون القدرة معتبرة فيه بحكم الشارع ، انتهى.
ونقول : انّ مجرد كون أحد المتزاحمين ذا بدل لا يوجب تقدم ما ليس له البدل عليه ، فإن رجع ما ذكره أولا إلى ما بينه في ذيل كلامه من اعتبار القدرة عقلا أو
__________________
(١) فوائد الأصول ـ المجلد الأول ـ ٣٢٣.